وكانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست كشجرة الدنيا» (١).
[٢ / ١٢١٢] وروى بإسناده إلى عليّ بن محمّد بن الجهم ـ في حديث طويل ـ عن الرضا عليهالسلام «في قوله : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) قال : وأشار لهما إلى شجرة الحنطة» (٢).
[٢ / ١٢١٣] وروى بإسناده إلى عليّ بن محمّد بن الجهم قال : «حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليهالسلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك أنّ الأنبياء معصومون؟ قال ، بلى ، قال ، فما معنى قول الله ـ عزوجل ـ : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)(٣)؟ فقال عليهالسلام : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ قال لآدم عليهالسلام : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ). ولم يقل لهما : ولا تأكلا من هذه الشجرة ولا ممّا كان من جنسها ، فلم يقربا تلك الشجرة ، وإنّما أكلا من غيرها ، لمّا أن وسوس الشيطان إليهما (وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ) وإنّما نهاكما أن تقربا غيرها ، ولم ينهكما عن الأكل منها (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ. وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)(٤) ولم يكن آدم وحوّاء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) فأكلا منها ثقة بيمينه بالله. وكان ذلك من آدم قبل النبوّة ولم يكن ذلك بذنب كبير استحقّ به دخول النار ، وإنّما كان من الصغاير الموهوبة الّتي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلمّا اجتباه الله تعالى وجعله نبيّا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى)(٥) وقال ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ»)(٦).
قلت : لعلّ في هذا الحديث بيان مندوحة لآدم حين تناول الشجرة ، حيث لم يقترب عين الشجرة الّتي وقع النهي عليها ، وإنّما تناول من غيرها نظيرتها في الجنس. وهذا نوع من التأويل ذي
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٠ ؛ عيون الأخبار ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ / ٦٧ ، باب ٢٨ (فيما جاء عن الإمام عليّ بن موسى عليهالسلام من الأخبار المتفرّقة) ؛ معاني الأخبار : ١٢٤ ـ ١٢٥ / ١ ، باب معنى الشجرة الّتي أكل منها آدم وحواء ؛ البحار ١١ : ١٦٤ ـ ١٦٥ / ٩ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٦٠ ـ ٣٦٢ ؛ البرهان ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨ / ١٣ ؛ الصافي ١ : ١٧١ ـ ١٧٢.
(٢) عيون الأخبار ١ : ١٧٤ / ١ ، باب ١٥ (في عصمة الأنبياء) ؛ البحار ١١ : ٧٨ / ٨.
(٣) طه ٢٠ : ١٢١.
(٤) الأعراف ٧ : ١٩ ـ ٢١.
(٥) طه ٢٠ : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٦) آل عمران ٣ : ٣٣.