يدريك أنّها إحدى وسبعون سنة؟ فقال جديّ : أمّا ألف في الحساب فواحد ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون سنة. فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال جديّ : هل غير هذا؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : نعم (المص. كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ)(١). فقال جديّ : هذه أكبر من الأولى ، ولئن كنت صادقا فإنّكم تملكون مائتي سنة واثنتين وثلاثين سنة. ثمّ قال : هل غير هذا؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : (الر. كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(٢) فقال جديّ : هذه أكبر من الأولى والثانية وقد حكم وفصل ، ولئن كنت صادقا فإنّكم تملكون أربعمائة سنة وثلاثا وستّين سنة ؛ فاتّق الله ولا تقولنّ إلّا حقّا. فهل غير هذا؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : (المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ)(٣). فقال جديّ : لئن كنت صادقا فإنّكم تملكون سبعمائة سنة وأربعا وثلاثين سنة.
ثمّ إنّ جديّ قال : الآن لا نؤمن بما تقول ولقد خلطت علينا فما ندري بأيّ قولك نأخذ ، وأيّما أنزل عليك نتّبع ، ولقد لبست علينا حتّى شككنا في قولك الأوّل ، ولو لا ذلك لاتّبعناك!
قال أبو ياسر : أمّا أنا فأشهد أنّ ما أنزل على أنبيائنا حقّ وأنّهم قد بيّنوا لنا ملك هذه الأمّة ، فإن كان محمّد صادقا فيما يقول ليجمعنّ له هذه السنون كلّها ، ثمّ نهضوا من عنده. فقالوا : كفرنا بقليله وكثيره. فقال جديّ لعبد الله بن سلام وأصحابه : أما تعرفون الباطل فيما خلط عليكم. فقالوا : بلى ، نعرف الحقّ فيما يقول ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ في كفّار اليهود بالقرآن (الم. اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ) : الّذي لا يموت (الْقَيُّومُ) : يعني القائم على كلّ شيء (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) يا محمّد (بِالْحَقِ) لم ينزل باطلا (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) : يقول ـ سبحانه ـ قرآن محمّد يصدّق الكتب الّتي كانت قبله (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ. مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ) يعني لبني إسرائيل من الضلالة ، ثمّ قال ـ عزوجل ـ : (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ)(٤) يعني قرآن محمّد بعد التوراة والإنجيل. يعني بالفرقان المخرج من الشبهات والضلالة. نظيرها في الأنبياء (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ)(٥). يعني المخرج. وفي البقرة : (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ)(٦). (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) اليهود ، كفروا بالقرآن يعني هؤلاء النفر المسمّين
__________________
(١) الأعراف ٧ : ٢.
(٢) هود ١١ : ١.
(٣) الرعد ١٣ : ١.
(٤) آل عمران ٣ : ١ ـ ٤.
(٥) الأنبياء ٢١ : ٤٨.
(٦) البقرة ٢ : ١٨٥.