[٢ / ١٣٣] وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسّنه وابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم وصحّحه والبيهقي في الشعب عن عطيّة السعدي وكان من الصحابة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يبلغ العبد المؤمن أن يكون من المتّقين ، حتّى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس (١).
[٢ / ١٣٤] وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن المبارك قال : لو أنّ رجلا اتّقى مائة شيء ولم يتّق شيئا واحدا ، لم يكن من المتقين (٢).
[٢ / ١٣٥] وأخرج من طريق مالك بن أنس عن وهب بن كيسان القرشي مولى آل الزبير (٣) أنّه كتب إلى عبد الله بن الزبير بموعظة : أمّا بعد فإنّ لأهل التقوى علامات يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وكظم الغيظ ، وصبر على البلاء ، ورضى بالقضاء ، وشكر للنعماء ، وذلّ لحكم القرآن (٤).
[٢ / ١٣٦] وأخرج عن شبيب بن شيبة قال : تكلّم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن مروان ، فوصف المتّقي فقال : رجل آثر الله على خلقه ، وآثر الآخرة على الدنيا ، ولم تكترثه المطالب ؛ ولم تعنه المطامع ، نظر ببصر قلبه إلى معالي إرادته ، فسما نحوها ملتمسا لها ، فدهره محزون. يبيت إذا نام الناس ذا شجون ، ويصبح مغموما. في الدنيا مسجون ، قد انقطعت من همّته الراحة دون منيّته ، فشفاؤه القرآن ، ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة ، لا يرى منها الدنيا عوضا ، ولا يستريح إلى لذّة سواها. فقال عبد الملك : أشهد أنّ هذا أرخى بالا منّا ، وأنعم عيشا (٥).
__________________
(١) الدرّ ١ : ٦١ ؛ منتخب مسند عبد بن حميد : ١٧٦ / ٤٨٤ ؛ التاريخ ٥ : ١٥٨ / ٤٨٩ ، باختلاف يسير ؛ الترمذي ٤ : ٥١ / ٢٥٦٨ ؛ ابن ماجة ٢ : ١٤٠٩ / ٤٢١٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٤ ـ ٣٥ / ٦٠ ، بلفظ : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس» ؛ الحاكم ٤ : ٣١٩ ؛ الشعب ٥ : ٥٢ / ٥٧٤٥ ؛ البيهقي ٥ : ٣٣٥ ؛ ابن كثير ١ : ٤٢ ؛ مجمع البيان ١ : ٨٣ ، بلفظ : «روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : إنّما سمّي المتّقون لتركهم ما لا بأس به حذرا للوقوع فيما به بأس».
(٢) الدرّ ١ : ٦١.
(٣) هو أبو نعيم المدني المعلّم المكّي ، روى عن جماعة من الصحابة وروى عنه الأعلام ... كان محدثا ثقة. مات سنة ١٢٧. تهذيب التهذيب ١١ : ١٦٦ / ٢٨٦.
(٤) الدرّ ١ : ٦٢ ؛ البداية والنهاية ، لابن كثير ٨ : ٣٧٩ ، وفي الطبعة ٢ (١٩٧٤) مكتبة المعارف ، بيروت ٨ : ٣٤٤.
(٥) الدرّ ١ : ٦٣ ؛ كتاب الهمّ والحزن ، لابن أبي الدنيا : ٨٠ / ١١٩.