(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٦٥)
ظهر المسخ في بني إسرائيل بالصورة فمسخهم الله قردة وخنازير.
____________________________________
من صبأ إذا مال من دينه إلى دين آخر ، يقول (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) صدق من هؤلاء المذكورين بقلبه «وآمن بالله» يقول بتوحيده ، أي بوحدانيته (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يقول بالبعث ، أي بوجود يوم القيامة (وَعَمِلَ صالِحاً) ولم يدخل في عمله خللا من شرك خفي ولا جلي (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) جزاء عملهم (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي عند سيدهم الذي استخدمهم وكلفهم بالأعمال ، وهو الله تعالى (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) زائد على الجزاء بما حصّلوا من النعيم في مقابلة ما فعلوا من الخير الذي له عين موجودة ، وما وصفوا به من نفي الخوف والحزن عنهم فيما تركوا مما أمروا بتركه ، فسلب لسلب ، وإثبات لإثبات (٦٤) (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) أما قوله (وَإِذْ أَخَذْنا) بنون الجمع لوساطة الرسل في ذلك ، فهم الذين أخذوا المواثيق لله على أممهم ، فأخذ الميثاق من الله ورسوله ، فلهذا كنّى سبحانه بالنون ، وليس لنا ذلك إلا بأمر منه سبحانه ، وقد قال عليهالسلام لمن جمع بين الله ورسوله في الضمير في خطبته (بئس الخطيب أنت) ، فهذا ضمير المخاطبين يعود على كل من أخذ عليه الميثاق مطلقا ، من أخذ الذرية إلى نبوة محمد عليهالسلام ، وهو الإقرار بالوحدانية وبما يجيء من عند الله في كتبه أو على ألسنة رسله مما يجب الإيمان به ، ثم خصص في الخطاب بعض من أخذ عليه الميثاق في قوله (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) أراد بني إسرائيل بهذا الخطاب خاصة ، وذلك لما امتنعوا من قبول كتابهم والحفظ له والعمل به لما فيه من التكاليف الشاقة عليهم ، فاقتلع الله الجبل ورفعه عليهم كالظلة ، إن لم يقبلوا الكتاب ويوفوا بعهد الله وميثاقه وإلا أوقع عليهم الجبل ، وقال لهم والجبل على رؤوسهم (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) أي اقبلوا ما أعطيناكم بجد وعزم على حفظه والعمل به ، وقد يكون العامل في الباء من بقوة (آتَيْناكُمْ) أي خذوا ما أعطيناكم تقوية على ما كلفتموه لما يتضمن من الوعد الجميل والثواب الجزيل لمن عمل فيه ، ولما يتضمن من الوعيد