(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) (٨٣)
الزكاة : ربو من زكا يزكو إذا ربا ، والزكاة طهارة بعض الأموال.
____________________________________
وإما لم يعملوه ، فهذا معنى (وَأَحاطَتْ بِهِ)(فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وأصحاب النار هم أهلها الذين خلقوا لها ، وأما الدوام فيها إلى ما لا يتناهى فلا يقبل موحدا ، أخرج مسلم في الصحيح من رواية عثمان ، قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ولو دخل النار] وهذا خبر ، والخبر الإلهي لا يدخله النسخ ، ويخرج الله يوم القيامة من لم يعمل خيرا قط ، والتوحيد ليس بعمل وإنما العمل طلب تحصيله ، فهؤلاء الذين أخرجهم الله حصل لهم نور من عنده سبحانه من غير عمل ولا تعمل ، ولكن عملوا أعمالا استوجبوا بها العقاب ما شاء الله ، ثم أخرجهم سبحانه بالعناية التي سبقت لهم ، ثم قال في مقابلة هؤلاء في أهل الجنة الذين هم أهلها (٨٣) (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بالله وما أنزله من الكتب والرسل (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في مقابلة (وأحاطت به خطيئاته) فإن الأعمال الصالحة هي التي لا يدخلها خلل يزيل عنها اسم الصلاح ، قال (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) فخصهم بالذكر دون من يدخل الجنة بالشفاعة وبعد العذاب ، تهمما بهم واعتناء ، وإن كان الخلود في الجنة يشمل العاصي والطائع ، ثم قال (٨٤) (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) جميع ما يأتي هو شرح الميثاق الذي أخذه عليهم ، فهو إخبار بما عهد إليهم وتعليم لنا ، فقوله (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) أي لا تقروا بالوحدانية في الألوهية ولا تتقربوا بالعبادات إلا الله ، وقرئ بالتاء والياء على الإخبار وعلى حكاية الخطاب الذي قال لهم ، ومن ذلك قوله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) أي برا بهما عاما ، وهو حجتنا على من يلزمنا الوقوف عند التأفيف لهما من التنبيه بالأدنى على الأعلى في تأويلهم ، وأن ما عدا التأفيف يجوز أن نعاملهما به ، فنلتزم لهم ذلك ونجعل حجتنا (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) وما عدا التأفيف من قبيح الأفعال ومما يؤدي إلى العقوق يدخل في الإحسان اجتنابه ، وقوله (وَذِي الْقُرْبى) يريد صلة الرحم ، وقوله (وَالْيَتامى) يخاطب الأوصياء بحفظ أموالهم ، وغير الأوصياء بالشفقة عليهم وجبر انكسارهم ليتمهم ، وقوله (وَالْمَساكِينِ) وهم الذين أذلهم