(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤) ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٨٥)
يوم القيامة هو يوم قيام الناس من قبورهم لرب العالمين لفصل القضاء.
____________________________________
الفقر ، فيتصدق عليهم برؤية المنة لهم علينا في قبولهم منا ما نواسيهم به ، وأن نعرفهم أنا مستخلفون من الله فيما بأيدينا ، فهو رزقكم ، ونحن أمناء الله عليه ، حتى يأخذه المسكين بعزة ولا يظهر عليه ذلة الحاجة لما في أيدينا ، وقوله (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) أي ألقوهم بالبشاشة وطلاقة الوجه والقول الحسن ، قال تعالى (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وقوله أيضا (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) هذا كله من القول الحسن المأمور به ، ثم قال (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) قد تقدم الكلام على ذلك فيما مضى (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) عن كل ما أخذنا عليكم الميثاق فيه (إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) عن ذلك ، لأنه قد يكون توليهم عند فراغ الخطاب تولي مفارقة إلى منازلهم ليعملوا بما كلفوا ، فأخبر تعالى أن توليهم كان إعراضا عن الحق ، واستثنى قليلا منهم ، وهو من أسلم وانقاد إلى الحق وعمل به ، كعبد الله بن سلام وابن أخته قيس بن زيد وغيرهما ، وهذا يرجح من قرأ بالتاء المنقوطة من فوق من (لا تَعْبُدُونَ) وقد يحتمل أن يكون ضمير المخاطب في (تَوَلَّيْتُمْ) و (أَنْتُمْ) يهود المدينة ، أي توليتم عند إخبارنا إياكم ما أخذناه على أسلافكم أن يكونوا عليه وذريتهم وأعقابهم ، إلى أن جاء زمانكم فتوجه إليكم الخطاب بما تتضمنه توراتكم من ذلك وغيره ، من الإيمان بمحمد واتباعه من نفس كتابكم ، فتوليتم وأنتم معرضون إلا قليلا منكم ، ثم قال (٨٥) (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) يقول مخاطبا يهود المدينة ، وقد