نفسه ، أو يحمده غيره ، تقسيمان : إما أن يحمده بصفة فعل ، وإما أن يحمده بصفة تنزيه ، وما ثم حمد ثالث هنا. وأما حمد الحمد له ، فهو في الحمدين بذاته ، إذ لو لم يكن لما صح أن يكون لها حمد ، ثم إن الحمد على المحمود قسمان : القسم الواحد أن يحمد بما هو عليه ، وهو الحمد الأعم ، والقسم الثاني : أن يحمد على ما يكون منه ، وهو الشكر ، وهو الأخص ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم يقول في المقام المحمود : فأحمده بمحامد لا أعلمها الآن ، وقال : لا أحصي ثناء عليك ، لأن ما لا يتناهى لا يدخل في الوجود ، ولما كان كل عين حامدة ومحمودة في العالم كلمات الحق ، رجعت إليه عواقب الثناء ، فلا حامد إلا الله ، ولا محمود إلا الله ، وحمد الحمد صفته ، لأن الحمد صفته ، وصفته عينه ، إذ لا يتكثر ، فما في المحامد أصدق من حمد الحمد ، فإنه عين قيام الصفة به ، فلا محمود إلا من حمده الحمد ، لا من حمد نفسه ، ولا من حمده غيره ، فإذا كان عين الصفة عين الموصوف عين الواصف ، كان الحمد عين الحامد والمحمود ، وليس إلا الله ، فهو عين حمده ، سواء أضيف ذلك الحمد إليه أو إلى غيره ، فإن قيام الصفة بالموصوف ما فيها دعوى ، ولا يتطرق إليها احتمال ، والواصف نفسه أو غيره بصفة ما ، يفتقر إلى دليل على صدق دعواه ، فالحمد : هو الثناء على الله بما هو أهله ، والشكر : الثناء على الله بما يكون منه من النعم ، ولا يكون الثناء أبدا على الله إلا مقيدا إما بالنطق ، وإما بالمعنى الباعث على الحمد ، وقد يرد في النطق مطلقا ومقيدا مثل قوله تعالى في المطلق اللفظي (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) وأما المقيد فتارة يقيده بصفة تنزيه كقوله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) وتارة يقيده بصفة فعل ، كقوله «الحمد لله
____________________________________
لا مجرى العلمية ، لأن الأسماء الأعلام لا يكون بها الثناء ، وإنما يقع الثناء على المثنى عليه بما تدل عليه هذه الألفاظ من نعوت الجلال له سبحانه ، فبها يحمد ، فمن المفهوم الثاني من الاسم الله يكون الاسم الله ثناء عليه سبحانه ، بل أتم الثناء لجمعيته مراتب الألوهية ، ولذا علقنا الباء بما في الحمد من معنى الفعل ، يقول سبحانه الثناء لله من حيث أنه مثني عليه سبحانه ومثن اسم فاعل واسم مفعول بجميع أوصاف الثناء ، دل على الأول اللام من لله ، فلا حامد ولا محمود الا هو ، وكل ثناء من غيره فهو راجع إليه بما يكون منه وهو عليه ، فله عواقب الثناء كله ، وله الحمد في الأولى والآخرة في الحالتين معا ، ودل على الثاني الألف واللام لا ستغراق أجناس الثناء ، فالثناء عليه سبحانه بوجهين ، بما هو عليه من نعوت الجلال وبما يكون منه من الإنعام والإحسان ، وهذا