(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤) يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢١٦)
(وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) وهو ما لا يوافق الغرض ، فإن أكثر الناس يسأل نيل ما
____________________________________
مهتدون إلى الإيمان (أَمْ حَسِبْتُمْ) لكونكم مؤمنين (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) من غير ابتلاء وامتحان (وَلَمَّا يَأْتِكُمْ) يصبكم (مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) شبه الذين خلوا من الأمم (مَسَّتْهُمُ) الضمير يعود على الذين خلوا (الْبَأْساءُ) شدة القتل (وَالضَّرَّاءُ) ما يضرهم من البلاء الواقع بهم من الأعداء (وَزُلْزِلُوا) أي أرجفوا في قلوبهم بالمخاويف ، من قصد العدو ونكايتهم ومنازلتهم فيشتد عليهم ذلك (حَتَّى) إلى أن (يَقُولَ الرَّسُولُ) المبعوث إليهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) لشدة ما مسهم من الضر والإرجاف (مَتى نَصْرُ اللهِ) أي متى يأتي نصر الله الذي وعدنا من قوله (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) فقال الله لهم (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) إتيانه إليكم ، بشرى لهم وتسكين لما وقع في قلوبهم من الخوف أن تعلو [...] ، إذ المؤمن الحقيقي غائب عن نفسه بإيثار جانب ربه في إعلاء كلمته وإعزازها ، ولما كانت لا تعلو ولا تظهر إلا بظهور المؤمنين وسلامتهم وقوتهم وبقائهم ، كان سؤالهم في حصول العافية لهم تبعا ، فأيقن الصحابة عند ذلك ومن يأتي بعدهم من المؤمنين إلى يوم القيامة أنه سبحانه لا بد أن يبتلي عباده ، فإنه خبّر وخبره صدق ، قال تعالى : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ومثل هذه الآيات (٢١٦) (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) الآية ، قال تعالى : (وأنفقوا) فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم (ما ذا يُنْفِقُونَ) فقال الله تعالى : (قُلْ) يا محمد (ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) فبيّن أن النفقة من