(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (٢٢٥)
لا قسم إلا بالله ، وما عدا ذلك من الأقسام فهو ساقط ما ينعقد به يمين في المقسوم عليه ، ولهذا قال تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) واللغو الساقط ، فمعناه لا يؤاخذكم الله بالأيمان التي أسقط الكفارة فيها إذا حنثتم (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ
____________________________________
والتقوى والإصلاح بين الناس والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وكان الناس إذا غضبوا يحلفون بالله لا يفعلون مع فلان خيرا ولا يولونه إحسانا ولا برا ، وإن كان في إصلاح بين اثنين يحلف الرجل بالله لا يصلح بينهما ، ويقول : والله لا اتقيت الله فيك ، فأنزل الله تعالى (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) باسمه ، يقول : قوة وتقوية على ترك فعل الخير الذي أمركم الله بفعله ، فإذا قيل لك افعل هذا الخير ، تقول : قد حلفت بالله أن لا أفعل ذلك ، فشرع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك أن يكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير ، وقد أنزل الله في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح ـ رجل من قرابته ـ ويحسن إليه ، فبلغ أبا بكر أنه شارك أهل الإفك فيما تحملوه ، فحلف أبو بكر أن لا يحسن إليه ، فأنزل الله إليه (وَلا يَأْتَلِ) أي لا يحلف (أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ) من له مال رزقه الله (وَالسَّعَةِ) يعني في الرزق (أَنْ يُؤْتُوا) يعطوا (أُولِي الْقُرْبى) ذوي الرحم (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِوَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) فرد أبو بكر رضي الله عنه على مسطح نفقته وأجراه على عادته ، وقوله : (أَنْ تَبَرُّوا) معناه أن لا تبروا ، فحذف لدلالة الكلام عليه ، قال امرؤ القيس : [فقلت يمين الله أبرح قاعدا] أراد لا أبرح ، فحذف لا لدلالة الكلام عليه ، والعرضة القوة والشدة ، وقد قيل هو من عرضت العود على الإناء إذا غطيته به خوفا أن يصل إلى الإناء شيء ، فجعلته حاجزا ، فكأنه يقول : ولا تجعلوا أيمانكم بالله عرضة ، أي حاجزا بينكم وبين فعل الخير (وَاللهُ سَمِيعٌ) ما تحلفون به (عَلِيمٌ) بما تقصدونه بأيمانكم ، قوله تعالى : (٢٢٦) (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) يقال لما لا يعتد به من أولاد الإبل لغو ، أي ساقط ، فكل يمين أسقط الشرع الكفارة والإثم على الحالف فتلك اليمين لغو ، لأن الشارع ألغاها وما اعتد بها وأسقط الحكم بالمؤاخذة عن الحالف بها ، فقال تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ) أي لا يعاقبكم بالكفارة والإثم ، وقوله : (بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) أي بما أسقطنا الحكم فيه من الأيمان بالمؤاخذة وإذا تقرر هذا ، فنقول : إن لغو الأيمان عند العلماء بالشريعة