خارجتان عن حريم المعنى ، إذ المفهوم والمعنى فيهما في حدّ ذاته غير متّصف بالاستقلالية في الأسماء وبالآليّة في الحروف.
بل قد تقدّم في البحث المتقدّم أنّهما إنّما تكونان من توابع الطور وشئون الاستعمال ، على أنّه استدلّ على عدم إمكان أخذهما أي الاستقلالية في الأسماء والآلية في مفهومهما في مقام الوضع بوجوه :
الوجه الأوّل : بنحو الوضوح عبارة عن أنّ التصوّر ولحاظ المعنى في مقام الاستعمال فلا جرم يكون ممّا لا مناص عنه ، وعليه فلا يخلو المقام من أن يكون هذا التصوّر واللحاظ عين التصوّر واللحاظ المأخوذ في المعنى الموضوع له أو يكون غيره ، فعلى الأوّل يلزم تقدّم الشيء على نفسه ، والثاني لا يقبله الوجدان والضرورة ؛ إذ لا يوجد في مقام الاستعمال إلّا لحاظ واحد ، مع أنّ الملحوظ بما هو ملحوظ غير قابل لأن يتعلّق به لحاظ آخر ، لأنّ القابل لطروء الوجود التصوّري والذهني ليس إلّا الذات ونفس المعنى ، والمعنى الموجود غير قابل لوجود آخر.
وأمّا الوجه الثاني : فلا يخفى عليك أنّ أخذ اللحاظ الآلي والأدوي فيما وضعت له الحروف ملازم لأخذ اللحاظ الاستقلالي فيما وضعت له الأسماء ، فعلى هذا التقريب فلا يمكن تصوّر التفرقة بينهما بكون الموضوع له متّصفا بالجزئي في الحروف وبالكلّي في الأسماء.
وأمّا الوجه الثالث : فإنّه لو كان هذا اللحاظ صحيحا فيلزمه عدم صحّة الحمل وعدم إمكان الامتثال من دون لحاظ تجريد الموضوع والمحمول عن التقييد بالوجود الذهني ، لعدم انطباق ما في الذهن بما هو في الذهن على ما في العين والخارج بما هو في الخارج.
فتلخّص أنّ المعنى الحرفي وإن كان لا ينفكّ لحاظه عن كونه آليّا ، كما أنّ