(كان) التامّة إنّما هو بين ماهيّة ووجودها كقولك : زيد موجود. وأمّا في الواجب تعالى وصفاته وفي الانتزاعيات والاعتبارات فلا يعقل فيها تحقّق أيّة نسبة من الأصل والأساس.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه في المقام بعنوان الجواب أنّ صحّة استعمال الحروف في الموارد التي يستحيل فيها ثبوتا تصوّر ثبوت أيّ شيء من النسبة الخارجية ـ كما مثّلنا صحّة استعمال الحروف فيها بلا لحاظ رعاية عناية من العلائق المجازية كما في صفات الواجب تعالى وغيرها ـ يكون بمنزلة الكشف اليقيني في أنّ الحروف غير موضوعة لأنحاء النسب والروابط في الخارج بتلك المثابة التي ذهب إليها شيخنا المحقّق قدسسره.
ومن هنا يظهر لك ـ ولجميع من يكون طالبا لكشف الحقيقة ـ أنّ حكمة الوضع والغرض الأقصى منه لا تجبر الواضع على أن يضع الحروف بإزاء تلك النسب ، بل إنّما تبعثه إلى وضعها لكلّ ما يصحّ استعمالها فيها في جميع الموارد التي تقدّم صحّة استعمال الحروف في المحاورة والكتاب والسنّة ، وإلّا فإن هذا القول لو تمّ يكون أخصّ من المدّعى ، بل لو تمّ فإنّما يتمّ في خصوص الجواهر والأعراض من الموارد التي يمكن فرض تصوّر تحقّق النسبة الخارجية بمفاد هل البسيطة فيها ، وأمّا بالنسبة إلى غيرها من الموارد التي تقدّم ذكرها من استحالة فرض تحقّق النسبة فيها في الخارج فلا ، أصلا وأبدا.
القول الخامس : الذي ذهب إليه بعض الأعاظم قدسسره (١) من أنّ الحروف والأدوات إنّما وضعت للأعراض النسبيّة الإضافيّة مثل مقولة الأين والإضافة
__________________
(١) بدائع الأفكار للمحقّق العراقي قدسسره ١ : ٤٩.