المتركّب المجموع منهما ـ أي من اللفظ والقرينة المصحوبة في الكلام ـ دالّا عليه ومبرزا له في مقام الحكاية.
والحاصل أنّ خلاصة جميع ما ذكر إلى حدّ الآن عدم إثبات كون الواضع منحصرا في شخص مخصوص أو جماعة متشخّصين معيّنين ، بل كلّ مستعمل عند الاستعمال يكون هو الواضع. فإذن لا يبقى مجال للبحث عن أنّ صحّة استعمال المجازي هل تكون بالطبع كما تقدّم ذلك المسلك من صاحب الكفاية قدسسره ، أو أنّها بالعلائق والمناسبات للمعنى الحقيقي ، كما هو المعروف عند الأكثر.
فلا يبقى مجال لهذا البحث من الأصل والأساس حسب ما بيّنّا لك من المقدّمتين المتقدّمتين ، إذ كيان هذا البحث معتمد على أن يكون الواضع في كلّ من المحاورات واللغات الدارجة في آداب العالم الإنساني من كلّ لغة شخصا مخصوصا أو جماعة مخصوصين ، وعلى فرض ثبوته يتمشّى أن يقال : إنّ جواز استعمال اللفظ الذي عيّنه هو بعنوان الحقيقة للمعنى الحقيقي في المعنى المجازي هل مربوط بإذنه أم لا ، بل يكون ذلك في عهدة قبول الطبع ؟ وأمّا إذا لم يكن ذلك الانحصار ثابتا لشخص خاصّ ولا لجماعة مخصوصين ، بل كما أثبتنا أن كان كلّ مستعمل واضعا حين الاستعمال ، فلا يبقى لهذا البحث مجال أصلا بالقطع واليقين ، وهو من حيث الوضوح كالافق المبين. انتهى كلامنا في بيان كيفية الاستعمالات المجازية ، وقد عرفت البحث في استعمال المجاز في الكلمة بما لا مزيد عليه.