البين مفقود فإثبات كلّ من الخصوصيّتين من الأعمّ والأخصّ والإطلاق والتقييد يكون من اللوازم العقلية للأصل ، فذلك يسمّى بالأصل المثبت.
وأمّا ما أفاد قدسسره من التمسّك بالبراءة عند الشكّ في ثبوت التكليف والتمسّك بالاستصحاب عند الشكّ في البقاء في الأوّل صحيح متين دون الثاني ، فإنّ الثاني كالأوّل لا بدّ فيه من التمسّك بالبراءة دون الاستصحاب ، وإن كان الشكّ من ناحية البقاء ، إذ عرفت في الدورة السابقة عند بحث الاستصحاب أنّه غير جار في الشبهات الحكمية ، لأنّه يكون من باب الشكّ في بقاء الحكم من ناحية سعة الموضوع وضيقه.
ومن الواضح المبيّن أنّ القدر المتيقّن من المجعول في أمثال ذلك المورد هو المضيّق الأخصّ دون الموسّع الأعمّ ، فيكون التكليف هو البراءة في غير الأخصّ ، إذ الأعمّ والموسّع من أوّل الأمر يكون مشكوك الحدوث والجعل ، فيكون من مصاديق الشكّ في أصل حدوث التكليف ، فبالنسبة إليه ليس لنا يقين بحدوثه حتّى نستصحبه عند الشكّ في البقاء ، كالماء المتمّم كرّا عند رفع تغيّره بالماء القليل.
على أنّا بيّنا مفصّلا في مبحث الاستصحاب عدم جريانه في الشبهات الحكميّة لابتلاء كلّ من الخصوصيّتين بالمعارض بالآخر فيتساقطان ، بل الحقّ في المطلب أنّ الاستصحاب هنا غير جار حتّى على مسلك المشهور من الاصوليين من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة ، وذلك من جهة أنّ التمسّك بالاستصحاب في المقام يكون من قبيل التمسّك به في الشبهات المفهوميّة ، إذ منشأ الشكّ في بقاء الحكم في موردنا وعدمه يكون من ناحية الجهل في جهة كيفيّة الموضوع الذي اخذ في متعلّق الحكم ، إذ أنّا لا ندري أنّ الموضوع له في كلمة (عالم) هل هو ذات (زيد) المتلبّس بالمبدإ بالفعل فى