مقابله معترضين عليه بأنّك لست أهلا لذلك ، لأنّك كنت مباشرا لمخالفة المعروف وارتكاب المعاصي بالعمد والاختيار.
وقد تلخّص من جميع ما ذكرناه أنّ المتصدّي لمنصب الخلافة علاوة على العصمة الإلهيّة التي لا ربط لها بالعرف لا بدّ من أن يكون واجدا لتلك اللياقة والأهلية بعدم قربه بالظلم والمعاصي والصفات الرذيلة من قبل زمان بلوغه إلى زمان موته.
على أنّه لا بدّ من أن يكون واجدا لجميع الصفات الفاضلة والأوصاف الحميدة من العلم ، والحلم ، والحكمة ، والصبر ، ومكارم الأخلاق ، والزهد ، والورع ، والتقوى ، والخشية ، والعلم على حدّ الأعلى ، حتّى يكون لحكومته هيبة ووقار عظيم عند عامّة الناس والامّة والملّة.
فانقدح بذلك البيان تمامية دلالة الآية الشريفة في الجهة التي تمسّك الإمام عليهالسلام بها على عدم نيل الظالمين لمنصب الخلافة ولو كانوا من نسل إبراهيم الخليل.
ومن العجائب أنّ الفخر الرازي مع كونه من الملتزمين بكون المشتقّ حقيقة في المتلبّس فقط مع ذلك قال : يشترط في الخليفة أن لا يكون متلبّسا بالظلم (١) ، والحال أنّه صدّق خلافتهم مع علمه بكونهم متلبّسين بالكفر والشرك والظلم في سنين متمادية وليس هذا إلّا من جهة أنّه تعالى شأنه يجري الحقّ على لسان العدوّ.
والحاصل حدوث الظلم يكفي في عدم نيل الظالم لمنصب العهد والخلافة ، ونشاهد ذلك في من اجري عليه الحدّ وولد الزنا ، حيث لا يجوز الائتمام بهما
__________________
(١) تفسير الرازي ٤ : ٤١ ، الطبعة الثانية في تفسير الآية : ١٢٤ من سورة البقرة.