لا يرونه قابلا لأن يتصدّى لهذا المنصب الإلهي ، بل يعتقدون أنّه تبارك وتعالى لا يجعله خليفة لهم.
فإنّ الخليفة هو ممثّل من قبله تعالى ، والممثّل من تلك الناحية المقدّسة ومن قبله لا بدّ من أن يكون مثالا روحيّا للبشر ، ونورا في الزجاجة الصافية في هداية الناس إلى مكارم الأخلاق ، ومربّيا لهم في سيرته ، وداعيا إلى الله تعالى بأخلاقه الحميدة وأعماله الرحيمة الكريمة ، ليكون أوقع في النفوس بالأثر الطيّب البعيد من الشكّ والريب ، كالطبيب الحبيب الخليل الشريف الذي يعالج الأمراض المزمنة صعبة العلاج بالحذاقة والرحمة ، كرسول ربّ العالمين أفضل الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله وأوصيائه الأنجبين الأطيبين عليهمالسلام.
ولا يذهب عليك أنّ هذا ليس بمعنى اعتبار العصمة قبل الخلافة ليقال : إنّها لا تعتبر قبلها ، بل من جهة أنّ الخلافة لعلوّ شأنها وجلالة قدرها ومكانتها لا بدّ أن يكون المتصدّي لها مثالا أعلى للمجتمع الإنساني في علوّ الشأن وجلالة القدر والمكانة ، فمن عبد الوثن في زمن طويل كيف يكون أهلا لذلك ، وكيف يجوز أن يجعله الله تعالى ممثّلا وهاديا وسراجا منيرا في هداية الامّة. والحال أنّه كغيره من أفراد الامّة ولا امتياز له عن البقيّة في شيء.
وقد كفاك شاهدا على المدّعى أنّ المرتكز في أذهان العرف سقوط العاصي عن شأنيّة التصدّي للامور الخطيرة ، بل لا بدّ من أن يكون المتصدّي من قبل زمان تكليفه معروفا بالإيمان والأمانة والصداقة والسلامة والتقوى ، وغير مرتكب لشيء من الظلم والعصيان فضلا عن النفاق والكفر والشرك ؛ لأنّ المرتكب لتلك المعاصي يسقط في أنظار الناس عن أهليّة ذلك المقام المنيع ، بحيث لا يرون له توقيرا ، فضلا عن أن يصدّقون أنّه قائم بمقام المرجعيّة ، فكيف بمقام الإمامة والخلافة ، بل إنّه إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر يقومون في