وكيف كان لا شكّ في أنّ النزاع في البساطة والتركيب ليس في مقام الإدراك ، لأنّ بساطة المشتقّ في مقام الإدراك من الواضحات الاستظهارية عند الكلّ ، بل نزاع البساطة والتركيب في مفهوم المشتقّ مربوط بمقام التحليل والتأمّل العقلي بالتفصيل الدقيق الحقيق المتقدّم.
وعلى كلّ حال قد عرفت أنّ المعروف والمشهور بين المحقّقين المتأخّرين ـ ومنهم المحقّق الدواني والسيّد الشريف وفاقا لشيخنا الاستاذ قدسسره ـ بساطة المفاهيم الاشتقاقيّة ، بلا فرق بين المادة والمبدأ والهيئة ؛ لأنّ الهيئة بعينها عبارة عن المادّة ، وإنّما الفرق بينهما يكون بالوجوه والاعتبار.
نظير الإيجاد والوجود إذ الإيجاد بعينه عبارة عن الوجود في الواقع ونفس الأمر بحسب الحقيقة ، ولكن بينهما فرق بالوجوه والاعتبار ؛ إذ الوجود إن لوحظ بالنسبة إلى القابل يصير موجودا ، وإن لوحظ بالنسبة إلى الفاعل يكون إيجادا ، فيكون الفرق بينهما نظير الفرق بين العرض والعرضي كالبياض والأبيض.
ولكنّ الحقّ أنّها مركّبة لا بسيطة ، وتركّبها إنّما هو عبارة عن أخذ مفهوم الشيء فيها.
فلا يخفى عليك أنّ علينا هنا بيان دعويان :
الاولى : أنّ مفاهيم المشتقّات مركّبة لا بسيطة.
الثانية : أنّ الجزء الذي مركّبة منه عبارة عن مفهوم الشيء دون مصداقه.
وأمّا من ذهب إلى أنّها مركّبة من المبدأ ومصداق الشيء والذات فهو ذهب إلى الباطل بالقطع واليقين ؛ إذ أنّ ذلك مستلزم لأن يكون مفهوم المشتقّ متكثّر المعنى ؛ إذ من البديهي أنّ الذوات متباينة بالضرورة من الوجدان ، لأنّ ذات الجدار بعنصره مباينة لذات (زيد) كما أنّهما مباينتان لذات (الصلاة) وهكذا بالنسبة إلى بقيّة الذوات.