بيان ذلك أنّ العرض كالعلم وأمثاله يتحيّث بحيثيّتين واقعيّتين ، الاولى : حيثية وجوده في حدّ نفسه ، والثانية : حيثية وجوده لغيره. فيمكن أن يلاحظ مرّة بإحداهما ، وهي أنّه شيء من الأشياء ، وأنّ له وجودا في نفسه في مقابل الجوهر ، وبهذا الاعتبار يعبّر عنه باسم المصدر.
ويمكن أن يلاحظ مرّة ثانية بالحيثية الاخرى ، وهي أنّ وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه ، وأنّه من أطواره وعوارضه ، وبهذا الاعتبار يعبّر عنه بالمصدر ، إذ قد اعتبر فيه نسبته إلى فاعل ما دون اسم المصدر.
وإن شئت قلت : إنّ اسم المصدر وضع للدلالة على الوجود المحمولي في قبال العدم كذلك ، والمصدر وضع للدلالة على الوجود النعتي في قبال العدم النعتي ، هذا بحسب المعنى.
وأمّا بحسب الصيغة : ففي اللغة العربية قلّما يحصل التغاير بين الصيغتين ، بل الغالب أن يعبّر عنهما بصيغة واحدة ، كالضرب مثلا ، فإنّه يراد به تارة المعنى المصدري ، واخرى ذات الحدث ، فهما مشتركان في صيغة واحدة. وأمّا في اللغة الفارسيّة ففي الغالب أنّ لكلّ واحد منهما صيغة مخصوصة فيقال : كتك وزدن ، وگردش وگرديدن ، وآزمايش وآزمودن ، إلى غير ذلك من الأمثلة في اللغة الفارسية.
وقد انقدح من ذلك التقريب بالوضوح والإشراق أنّ المصدر أو اسم المصدر لا يصلح لأن يكون أصلا في مبدأ المشتقّات ، وذلك من جهة اشتمال كلّ واحد منهما على خصوصيّة إضافيّة زائدة ، مع أنّ المبدأ الجاري والساري فيها بعنوان الأصل الاشتقاقي لا بدّ أن يكون لفظا ومعنى خاليا وعاريا عن كلّ إضافة وخصوصيّة من الإضافات والخصوصيات الزائدة على ذاته ، حتّى عن مثل هذين اللحاظين والخصوصيتين المتقدّمين ، فمن باب المثال : إنّ المبدأ في كلمة