(ضرب) ليس إلّا عبارة عن «الضاد والراء والباء» فهو المبدأ لتمام المشتقّات ، على نحو يكون المصدر واسم المصدر أيضا مشتقّا منه مثل سائر المشتقّات.
فالأحسن من كلّ تشبيه وتعبير أن يقال : إنّ المبدأ في المشتقّات يكون كالهيولى الاولى بالنسبة إلى الصور المختلفة الواردة عليها ، فكما أنّها مجرّدة منقّحة عن تمام الخصوصيات لتتقبّل ـ بما لها من القابلية والاستعداد ـ كلّ ما يرد عليها من الصور والأشكال المختلفة بالسماحة والسهولة ، إذ لو لا ذلك التجرّد فلا تبقى لها قابلية تقبّل صورة واحدة منها ترد عليها ، فضلا عن أن تقبّل تلك الأمواج من الصور الكثيرة المختلفة من ابتداء الخلقة إلى يوم القيامة ، ولا يمكن أن تكون هي المادّة الوحيدة القابلة لما يرد عليها من مجموع صور الأشياء من بدء الخلقة بيده تبارك وتعالى.
فبذلك التقريب انقدح أنّ مبدأ الاشتقاق نظير الهيولى في النقاوة والتجرّد عن جميع الخصوصيات ، حتّى خصوصيّة المصدريّة واسم المصدريّة. فأين هذا من المصدريّة واسم المصدريّة ، فإنّ كلّ واحد منهما متلبّس بخصوصية زائدة على نفس ذات الحدث المشترك بينهما ؟
فبما بيّناه لك من التنقيح ظهر لك أنّ ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من الفرق المذكور غير فارق بين المبادئ والمشتقّات ، بل هو يفرّق بين المصدر واسم المصدر.
وثانيا : لا ينبغي الشكّ في أنّ وجود العرض يباين وجود الجوهر خارجا ، مع الاعتراف بأنّ وجوده في حدّ ذاته عين وجوده لموضوعه ، ولكن لا يخفى عليك أنّ ذلك ليس بمعنى أنّ وجوده ليس إلّا وجود عين موضوعه ، بل من الواضحات القطعيّة اليقينيّة أنّه يكون غيره في الواقع ونفس الأمر من حيث الحقيقة في وعاء التكوين ، ومن الضروري أنّه ليست هذه المغايرة والمباينة بالفرض والاعتبار