المشتقّ عبارة عن صحّة الحمل ، ومن اللابشرطية في طرف المبدأ عبارة عن عدم صحّة الحمل بتاتا ، فكأنّه قدسسره جعل هذا هو الفارق الوحيد بين المبدأ والمشتقّ (١).
وفيه أنّ ما أفاده قدسسره من الفرق بين المبدأ لا اختصاص له بالمشتقّ والمبدأ ، بل يجري في جميع المبادئ والماهيات.
وعلى كلّ حال ، فإنّ الفارق الذي ذكره الفلاسفة بعنوان اللابشرطية وبشرط اللائية في المشتقّ والمبدأ لا بدّ من أن يلاحظ في موجود واحد ، لا في مطلق الماهيات ، لأنّهم ذكروا هذا الفرق بين الجنس والفصل والمادّة والصورة ، لاستحالة وجود أحدهما دون الآخر ، لأنّهما إنّما يكونان موجودين بوجود واحد.
بل الحقّ أنّ التعبير بالموجودين لا يخلو عن المسامحة ، إذ الجنس والفصل والمادّة والصورة ليس إلّا متّحدين بحسب الواقع والنفس الأمر ، لأنّ (الحيوان الناطق) في الحقيقة والذات ليس إلّا (الإنسان) كما أنّ الإنسان بالذات والحقيقة بحسب التحليل والدقّة ليس إلّا (حيوان ناطق) وإنّما العقل بالتأمّل والتعقّل الانتزاعي التحليلي يعبّر عن أحدهما بالجنس وعن الآخر بالفصل ؛ إذ لا ينبغي التشكيك في أنّه يستحيل أن تكون المادّة أعني البدن موجودا منفصلا عن الصورة النوعية ، وهكذا العكس. بل الحقّ هنا بحسب الذات ليس إلّا موجودا واحدا ، والاتحاد حقيقي لا انضمامي وإن التزم بالاتّحاد الانضمامي بين المادّة والصورة وبين الجنس والفصل عدّة من الحكماء والفلاسفة ، ولكنّ المتأخّرين منهم أبطلوا ذلك وأثبتوا الاتّحاد حقيقة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٥.