بغرائب الأخبار (١) ورتبته على مقدمة وستة أجزاء وخاتمة. فالمقدمة في بيان الأجناس الذين وجه إليهم مولانا ـ أيده الله ـ هذا الباشدور ومن معه ، وذكر المدن التي دخلنا إليها من بر الروم وغيرها ومدة الإقامة والسفر من مدينة إلى أخرى برا وبحرا. وأما الأجزاء الستة فإن كل جزء منها يشتمل على أخبار وغرائب وفوائد وعجائب ، والخاتمة ـ رزقنا الله حسنها ـ في بيان معتقدنا في ذلك ، والتبري (٢) مما يتحدث به العوام الذين يجولون في بلاد الروم من مدح أحوالهم وحمد قوانينهم وافتخارهم بذلك ، نعود بالله من هذا الاعتقاد ونسأله العصمة والتوفيق إلى سبيل الرشاد ، والثبات على طاعته ومرضاته وأن يجعلنا من الآمنين يوم الحشر والمعاد.
٢
أقوال طالبا من الله الإعانة وبلوغ المأمول ، كان شروعنا في هذا التقييد حيث كنا بطنجة وتجددت الكتابة إلينا والطلب في شأنه كما قدمنا ذكر ذلك. لكن ينبغي أن نلحق هنا أولا بيان وقت خروج الباشدور من الرباط ، وقت خروجنا بعده إلى وصولنا لطنجة ، بحسب ما علق بذهني الآن.
أما خروج الباشدور ونهوضه من رباط الفتح إلى الحضرة الإدريسية / ، وقاها الله وحرسها من كل بلية ، فكان في يوم الاثنين السادس من ربيع الثاني (٣) عام أربعة وتسعين ومائتين وألف (٤) ، لغرض مولوي هنالك ثم يتوجه منها إلى ثغر طنجة
__________________
(١) يسمي هذه الرحلة ـ خطأ ـ كل من أحمد النصاري وعبد الله الجراري وأحمد الصبيحي في كناشه الفالودج. «تحفة الأحبار بغرائب الأخبار».
(٢) هذا الموقف من المؤلف يطرح إشكالية موقفه من الحضارة الأوربية التي يتحدث عنها في مخطوطة بلهجة إيجابية توحي بالتبني بعيدا عن الانبهار الغيبي ، وفي نفس الوقت يعارض من يفتخر بها ويعتبره خارجا عن الطريق المستقيم ، فالمؤلف يفرق بين الصنائع المستحدثة من جهة وبين طريقة عيش الأوربيين كالنصارى واحتكامهم إلى قوانينهم غير الشريعة الإلهية ، فيستحسن الأولى ويستنكر الثانية مستعيذا بالله ممن يغتر بهذه الأشياء.
(٣) ١ ماي سنة ١٨٧٦ م.
(٤) سبق قلم ، إذ كان خروجه عام ١٢٩٣ ه / ١٨٧٦ م.