يخبره بإشرافنا إلى الدخول ، فطار به ورجع وصادفنا قرب باب / المدينة ، فرجع معنا متقدما أمامنا ونحن في أثره قاصدين محل النزول الذي تقدم ذكره ، إلى أن وصلنا إليه سالمين ، ولمولانا سبحانه حامدين شاكرين. وبعد هنيهة تلاقينا بالباشدور المذكور مهنئين لسيادته بسلامته وعافيته (١) ، فسر بقدومنا وانبسط ، وارتفع عنه ما كان يتوهمه بتأخيرنا حسبما ذلك مضى وفرط ، ووجدناه نازلا بقبة الدويرة المذكورة ، وفيها قبالة الداخل إليها صالة مزخرفة ذات سراجم (٢) كبار لها دفف (٣) من الساج (٤) وأخرى من الزاج (٥) مشرفة على الأسد الضاري بغاز البحر الجاري (٦).
وهناك نظرة فائقة ، ومسرة للقلب رائقة ، فحين رأينا ذلك المنظر البهي والرونق الشهي ، أخبرنا الباشدور المذكور أنه عينه لنزولنا فيه مع أنه مرتفع من مقعده ، فكان اللائق بمنصبه أن يكون منزله به لمناسبته لمرتبته العظيمة ، وإنما تأخر عنه ورفعنا إليه رفع الله / قدره ، برورا منه وواضعا ، خلد الله في الصحائف مآثره الحسنى وذكره ، وأخبرنا رعاه الله أن نائب مولانا المفوض إله المعول في الأمور البرانية (٧) عليه ، قطب العقلاء ، وأوحد النبلاء ، ذا الرأي السديد والجد والإجتهاد السديد ، الذي انتعش بتصدره لتلك الرتبة غربنا أتم انتعاش.
__________________
(١) سفيري فرنسا بطنجة أخبر وزارته بباريس بقدوم السفير الزبيدي إلى طنجة ، مع تقرير مفصل عن مرافقيه. طنجة ٢٧ ماي عام ١٨٧٦ م.
M. A. E. F.) A. D (, CorresPondance Politique. Maroc, Volume 04, Folio 151, 152.
(٢) انظر شرحه في الملحق رقم : ٤.
(٣) نفس الملحق : ٤.
(٤) نفس الملحق : ٤.
(٥) نفس الملحق : ٤.
(٦) مضيق جبل طارق يربط بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.
(٧) نفس الملحق : ٤.