الفقيه سيدي محمد بركاش (١) أدام الله إليها انتصابه ، وأبقى له ولأعقابه لتلك الرتبة انتسابه. قدم في الساعة العاشرة من يوم الخميس (٢) فاتح جمادى المذكورة في البابور (٣) ، لأنه كان تركه برباط الفتح (٤) وحين قدم الباشدور المذكور لطنجة ولم يجده بها ضاق صدره لأنه كان متوقفا عليه في أمور مهمة ، وأعظمها غرض مهم يتوقف سفرنا في البحر عليه ولا يتأتى بدونه ، وكان يقال بقدوم الفركاطة (٥) للسفر بعد أربعة أيام ، وذلك الغرض متعذر لا بد فيه من مراجعة الحضرة العالية (٦) بالله ، ولا أقل في مدة / المراجعة وحصول ذلك الغرض من نحو نصف شهر ، وانظر ما يترتب على مقام الفركاطة التي ترد للسفر جل تلك المدة. وبقدوم النائب المفوض إليه المذكور دبر برأيه السديد ودهائه الفريد ، في حصول ذلك الغرض من غير
__________________
(١) ولد بالرباط سنة ١٢٢٥ ه / ١٨٠٨ م وهو ينتمي إلى أسرة أندلسية عملت بعد هجرتها في أسطول الجهاد ، اشتغل منذ صغره بالتجارة في مدينة جبل طارق ، ثم عين عاملا لمدينة الدار البيضاء ، وبعد حرب تطوان أعفى محمد الخطيب نائب السلطان في الشؤون الخارجية وعين محمد بركاش مكانه حوالي ١٨٦٢ م ، مثل المغرب في عدة سفارات إلى الخارج ، وفي مؤتمر مدريد سنة ١٨٨٠ م كما ضربت على يده السكة المغربية في الخارج ، واشتري بواسطته وواسطة ابنه الحاج محمد ، السلاح الحديث للجيش المغربي ، وما زال في منصه حتى ساءت حالته الصحية وضعف بصره ، فسافر إلى أوربا للتداوي ، وبدأ ينوب عنه في غيبته الحاج محمد بن العربي الطريس ، إلى أن مات سنة ١٣٠٣ ه / ١٨٨٦ م ودفن بمقبرة العلو بالرباط في الروضة المعروفة لأسرته. (الوثائق الملكية ، عدد ٤ : ٢٠ و٢١).
(٢) ٢٥ ماي سنة ١٨٧٦ م.
(٣) انظر شرحه في الملحق رقم : ٤.
(٤) كان بركاش ينتقل بين الرباط وطنجة بحرا لأن الطرق البرية كانت غير آمنة على النفس والبضاعة تتطلب زمنا طويلا لأن الحمل كان على البغال والجمال. مصطفى بوشعراء ، الاستيطان والحماية ، ١ :٣٩٢).
(٥) انظر شرحه في الملحق رقم : ٤.
(٦) القصر السلطاني بفاس.