وجم غفير ، كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع. فدخلنا إلى محل خاص لا يدخله إلا المأذونون لدخوله من أهل القرب والاختصاص (١). وفيه قبب مبنية مرتفعة. فطلعنا إلى إحدى القبب ، فوجدنا فيها بعض الناس من خواص الدولة ، وإذا بكبير الدولة معهم. فحين رأى الباشدور صاحب السر المذكور ، قام إليه ، ونزع ما كان على رأسه بشماله ، وصافحه باليمين ومرحب وما قصر في البشاشة والتعظيم ، ثم زاد معه إلى دربوز مشرف على تلك الخلائق ، ورجع إلينا حيث رآنا بقينا واقفين لم نتبعهما إلى المحل الذي زادا إليه ، وتكلم معنا / ٨١ / فقال لنا ترجمان كان هناك / : يقول لكم إن شئتم فادخلوا معه إلى ذلك المحل الذي دخل إليه الباشدور ، وإن شئتم فاصعدوا إلى القبة الفوقية ، فصعدنا إليها أدبا مع الباشدور ، لأن ذلك المحل كان معه فيه كبير الدولة وزوجته وبعض خواص الدولة ، وحين ارتقينا إلى الأعلى أشرفنا على جميع تلك الخلائق ، وهم على فرقتين ، فرقة في الجهة التي فيها قبة كبير الدولة ولا يدخلها إلا من يعطي قدرا موظفا للمخزن ، وهم نحو النصف من تلك الخلائق ، وامتدوا يمينا ويسارا ، والفرقة الأخرى في الجهة المقابلة لهم ، وهم لا وظيف عليهم ، وبين الفرقتين فضاء متسع ممتد بامتداد الفرقتين (٢). فيه تتسابق الخيل ، والعرف عندهم في هذه المسابقة أنه يخرج عدة من الفرسان ، ويشرعون في العدو في آن واحد حتى يصلوا علامة قبالة القبة التي كان فيها كبير الدولة ، ثم يستمرون على عدوهم وجريهم إلى منتهى الفرقة التي عن يمينهم فيرجعون ويلوون عن اليمين ، ويستمرون
__________________
(١) ابتداء من سنة ١٨١٤ م انتشرت مسابقات الفروسية بمجموع القارة الأوربية ، وكانت أنجلترا سباقة في هذا الميدان. وقد نظم نابليون الأول منذ سنة ١٨٠٧ م أولى مسابقات الخيول بفرنسا ، فأصبحت تقاليد هذا اللعب مع مرور الوقت تدخل المجتمع الفرنسي وتتطور تدريجيا بدعم من الدولة.
Grand Larousse EncycloPedique, L. Larousse, Tome 2, P.853.
(٢) حلبةChantilly لسباق الخيل افتتحت لأول مرة في ماي ١٨٣٤ م بحضور أزيد من ٠٠٠ ، ٣٠ متفرج. وأصبحت أهم حلبة بباريس ، تمتد على مدار بيضوي الشكل طوله ٣٢٠٠ متر. (نفس المرجع).