فسيح الجنان. في أحدها تاريخ ١١٨٩ وفي آخر تاريخ ١١٩٠ وفي الثالث تاريخ ١١٩١.
ثم نزلنا إلى محل خدمة السكة ، فوجدنا في موضع منها مكينة عظيمة مثل مكينة البابور بل أعظم بكثير باعتبار ما يدور بسببها من مكينة الخدمة. إذ لكل عاملها مكينة تخصه بالخدمة في غاية الاجتهاد ، الخدمة في كمال الراحة والصدق والانقياد / ١٢٨ / وحين دخلنا إلى ذلك المحل الذي فيه المكينة الكبرى دخلنا منه إلى بيت آخر ، فيه بيوت النار كبيرة عليها أواني كبيرة الجرم منصوبة عليها ، والنار توقد تحتها ، وبيد رجل مغرفة يغرف بها الفضة من تلك الآنية ، ويفرغ في القوالب ، فأفرغ بمحضرنا ثلاث غرفات من كل مغرفة ، في ثلاثة قوالب ، ثم فتح ألواح القالب ، فتساقطت سبائك الفضة ، أخذ بعضها بلقاط وأدخله في آنية ماء ، وأخرجها ومسحها فإذا هي سبكة فضة ، طولها مقدار ذراع واحد ، وعرضها يزيد على عرض الريال بيسير ، وغلظها قريب من الأصبع (١) ، وعند فرغ هذه السبابك يأخذها أناس آخرون ، فيأتون بها لمكينة أخرى ، يدخلون رأس كل سبيكة في فرجة مربعة على قدرها بل أصغر منها. فتجر هذه السبيكة بالمكينة كما يجر الصواغ السلك في المزرة فتخرج أرق مما كانت وأطول. ولا يزالون معها بهذا العمل حتى يصير حرفها في الرقة كحرف الريال ، وتطول حينئذ ، / ١٢٩ / ولا تقع زيادة في عرضها ـ والله أعلم ـ بل تبقى على عرض الريال ، فعند ذلك يأخذها آخرون ، ويضعونها أمام رجال بين أيديهم مكينات صغيرة خارجة فوق مائدة مبسوطة ، مرفوعة بمقدار نصف القامة ، وهي أي المكينة الخارجة فوق هذه المائدة ، تشبه الزيار ، فيقبض الرجل الجالس قبالتها تلك السبيكة التي صارت في رق الريال ، ويدخل رأسها أسفل المكينة ، ويحرك إحدى رجليه ، ويصير يدفع هذه السبيكة ويخرجها من أسفل المكينة ، فتصير ترتفع وتنزل بسرعة على السبيكة ، وكلما نزلت عليها ارتفعت عنها ينفصل منها ريال مستدير ، وتبقى تلك السبيكة فيها دوائر الريال الذي سقط منها ، فترد إلى النار وعند خدمة هذه المكينة فتحت مجانة كانت عندي ، ورصدت مقدار ما تقطعه هذه المكينة من الريال ، فوجدتها قطعت خمسة عشر ريالا في ربع دقيقة. وهناك رجال
__________________
(١) ٢ سنتمتر.