البراح ، فيكون بين قدميه وظهر الفرس زاوية منفرجة ، وتارة ينصبون في وسط هذه الدار عصا قائمة ويربطون في رأسها أطراف ثياب طويلة كالعمائم عندنا ، ويمدونها من العصا إلى محيط الدار ، وعددها أربعة ، كل عمامة في ربع ، فيصير الفرس يجري تحتها ، وهذا الولد يقفز عليها عند وصوله إليها ، وهو مع ذلك بين كل عمامتين إما ينقلب أماما أو وراء على ظهر الفرس ، أو يرقص مع شدة قرب ما بين العمامتين ، وكأنه يفعل ذلك على شيء لا يتحرك ، وتارة يقف أناس آخرون بين هذه العمائم ، ويمسك كل واحد منهم قضيبا مستديرا ، قطر دائرته نحو ذراعين ونصف ، واتخذت ورقة كبيرة من كاغد رقيق أرق من العنكبوت. / ١٤٥ / ووضع هذا المستدير عليها ومسكت عليه ، وجعل في هذه الدوائر ، في كل واحدة منها يد خارجة عنها من عود أو حديد ، فيقف أربعة رجال بين تلك العمائم ، كل واحد ماسك لتلك الدائرة المجلدة بذلك الكاغد ، فيأخذ الفرس في جريه مع محيط الدار والصبي واقف على ظهره ، فإذا عارضته العمامة قفز فوقها ، وإذا لقيته تلك الدائرة المجلدة قفز وخرقها برأسه ، ويتمزق ذلك الكاغد ، ويخرج منه منقلبا ، ويأتي واقفا على ظهر الفرس ، فتلقاه العمامة الثانية فيقفز فوقها ، ثم الدائرة المجلدة ثانيا فيخرقها كما ذكر ، ويصير واقفا على ظهر الفرس ، وهكذا حتى يخرق الدوائر الأربع ، ويقفز على العمائم الأربع في دورة واحدة ، وتراه في هذه الحالة كالبرطال ، لا يكاد يثبت على ظهر الفرس ، لأنه كلما استوى عليه تعرض له العمامة أو الدائرة. وهذا يكاد أن يستغربه السامع لكني تأملت في أحوال الماسكين للعمائم مع تلك الدوائر ، فرأيتهم يرتكبون ما يسهل / ١٤٦ / العمل على ذلك الصبي ، لأنه إذا وصل إلى صاحب العمامة يرخيها يسيرا من يده حتى تقرب من سرج الفرس ، فيسهل عليه القفز عليها ، وكذلك صاحب الدائرة المجلدة بالكاغد ، إذا وصل إليها ترى الماسك لها كأنه يضرب رأس ذلك الصبي بالكاغد المجلد بها تلك الدائرة ، وفي وسطه تمزيق يسير ، وذلك كله تسهيل لخرق الصبي ذلك الكاغد والخروج منه بسرعة ، عند الوصول إليه ، وليس في ذلك كبير مزية ، بل ذلك كله من قبيل الرياضات والممارسة ، والنشأة (١) في ذلك من حال
__________________
(١) في الأصل خطأ ، النشئة.