ـ نفع الله به ـ وأما ما يفعله بعمل السيمياء المسماة عندنا بخنقاطرة (١) فأمرها مسلم مغرز مشهور (٢).
رأينا من ذلك في بعض الديار ما سأذكره ، وذلك أنهم يرسلون سترا بأحد أرباع الدار ، يصير حاجزا بين جميع من في الدار الذين أتوا للفرجة ، وبين محل اللعب ، حتى يتناولوا العمل الذي يريدون ظهوره ، فإذا فرغوا من تهيئه يرفعون الستر ، فترى ذلك المحل المتخذ للعب قد انبسط وامتد غاية ، حتى ترى منه دائرة الأفق كأن بها بحرا فيه سفن كبيرة ، والفلك محيط بالبحر ، وفيه سحب حمر وغيرها ، وتارة حين يرفعون الستر ترى جبالا شاهقة ، وتارة ترى أشجارا عظيمة كأشجار الغابة ، فيخرج عند ذلك من كهوف الجبال رجال لابسون لباس العسكر ، لابسون السلاح ويأتون معه مصطفين صفا بعد صف ، وكل فرقة منهم تباين الأخرى في الزي واللباس. وهم يحكون بذلك محاربة أهل الهند لهم ، وليس هذا العسكر من قبيل السيميا / ١٤٩ / بل ذلك حقيقة من تمام فرجتهم وتارة حين يرفع الستر تجد بابور النار حقيقة لا سيميا مارا ، وصاحب الصفارة يصيح بها ، وهو يجر عربات وكل ذلك معد عندهم بهذه الدار بقصد الفرجة ، وعند مرور العربات يخرج الناس من كهوف تلك الجبال ويأتون إلى العربة الأخيرة ، يفصلونها من العربية التي تجرها ، فيسافر البابور وتبقى تلك العربة بأيديهم ، فيأخذون منها ما شاءوا ، وتارة يكون بها أناس كالمسافرين ، فيخرجون إليهم منها فيخرجون فيهم كوابيس البارود خروجا حقيقيا ، لكنه لا يصيب
__________________
(١) انظر شرحه في الملحق رقم : ٤.
(٢) في الهامش طرة من إنشاء نجله عبد القادر الجعيدي «هذا العمل ليس من أعمال الخنقطرة في شيء ، وإنما هو تصاوير في كاغد يتحرك بآلة كهربائية». اعتقد الجعيدي أن ذلك حقيقة ، والصفار تحدث في رحلته السفارية عن المسرح والأوبرا ، من الصفحة ٦٥ إلى ٨٦ ، وسرد ما يعرض على الخشبة من أنواع القصص وتعجب لملائمة الأزياء للأدوار والأزمنة ، وملائمة الصور للأماكن التي دارت فيها الأحداث ، وذكر أنه شاهد تمثيلية حول حياة القسيسين الخادعة ، وكيف أنهم يتظاهرون بالصلاح والزهد وهم يتعاطون في الخفاء لشتى أنواع المنكرات ، فرأى فيها تأديبا للنفوس وتهذيبا للأخلاق وراحة للقلب والبدن.