طعامهم ويجعلونه في مجامير بيوت مساكنهم في البرد ، لأنه لا تبقى له رائحة كريهة (١) ولا كثير دخان ، هكذا أخبرنا (٢). ذومهما فرغ بيت من الفاخر المشعول يملأه اثنان بغير المشعول ، كل واحد بيده مدرة من الحديد يغترف بها الفاخر ويرميه إلى داخل المجمار حتى يجعلا فيه كفايته ثم يسد بلومته مع ذلك الطينذ ، وقد بينا أن نصف جدار كل بيت فيه ثمان فرج ، وفي كل فرجة سبعة مجامير عينية ، في نصف عرض الجدار ، وفي نصف عرضه الآخر المقابل لها مثلها ، فيكون في نصف البيتين المتصلين من بيوت النار مائة بيت واثنا عشر بيتا كلها في نصف جداره ، وفي النصف الآخر مثلها تصير مائتي بيت وأربعة وعشرين بيتا ، جميع دخانها الخارج من جعباتها ينتهي إلى تلك الجعبة العظيمة ، وتقدم أن هذا المحل فيه ثلاثة بيوت لخدمة الفاخر فيكون في جملتها من بيوت النار ستمائة بيت واثنان وسبعون بيتا ، قيل كلها يخدم بها في أوان البرد ، وأما في وقتنا وهو شهر يوليوز والشمس في برج السرطان ، فوجدناهم مقتصرين على الخدمة في نصف بيت ، لحرارة الوقت ، وحيث ينتهي الدخان إلى تلك الجعبة العظيمة الممتدة في أعلا الجدار ، ينزل منها إلى الأرض في مجاري لا ترى حتى ينتهي إلى بيوت أخر عظيمة. قد جعل في براحها صهاريج (٣) عظيمة من الحديد وفرشت بغبراء الجير ، وكل صهريج منها يحيط به آخر أعظم منه ، وبينهما بعد بقدر الشبر يكون الماء جاريا فيه. وهذه الصهاريج ينزل إليها
__________________
(١) الكبريت الموجود في الفحم الحجري ، عند الاحتراق يعطي غاز ثاني أكسيد الكبريت ، وهو غاز سام ذو رائحة كريهة غير مرغوب في وجوده مع غاز الاستصباح الناتج ، لهذا معظم الأفحام المستعملة من نوع الدسمةAntracite أو النصف دسمة ، والتي تتميز بوجود نسبة قليلة من الكبريت ١%.(نفس الرجع السابق).
(٢) استدراك بطرة الصفحة أدرجته في مكانه بين نجمتين ذ ... ذ.
(٣) صهاريج تكثيف وتجميع الغاز المتولد عن تسخين الفحم الحجري ، وتحوله إلى مادة سائلة تحت ضغط كبير. فعندما يراد الحصول على غاز للإنارة تخفض درجة حرارة التسخين ، أما إذا ارتفعت درجة حرارة التسخين فتتحول الغازات الإيدروكاربونية إلى إيدروجين تستخدم في آلات الاحتراق الداخلي. (نفس المرجع السابق).