الفصل الثاني الإطار
التاريخي للرحلة
عرفت العلاقات المغربية الأوربية في السنوات الأولى من القرن ١٩ م تقلصا كبيرا بسبب انشغالهم بحروب الثورة الفرنسية وحروب نابليون بونابرت ، ويتجلى هذا في ضعف التمثيل القنصلي المتركز بطنجة ، وإغلاق السلطان مولاي سليمان جل الموانئ المغربية أمام التجارة الخارجية وإبطال سنة الجهاد البحري سنة ١٨١٧ م ، إلا أن سياسة الاحتراز التي تبناها المولى سليمان لم تعد ممكنة في عهد السلطان المولى عبد الرحمن الذي شعر بخطورة احتلال فرنسا للجزائر سنة ١٨٣٠ م والتي أخلّت بالتوازن السياسي والعسكري في المنطقة» (١) وأرغمت المغرب على الدخول في حرب مفتوحة مع فرنسا عند وادي إيسلي سنة ١٨٤٤ م ، فكانت أول معركة عسكرية ينهزم فيها المغرب منذ أزيد من قرنين ، وقد انهار على أثرها صيته العسكري ، واضطر المولى عبد الرحمن إلى التوقيع مع فرنسا (٢) على معاهدة سنة ١٨٤٥ م والتي قسمت الحدود المغربية الجزائرية من الشواطئ المتوسطية إلى مدينة فكيك.
كما شهدت هذه الفترة نموا ملحوظا في المبادلات التجارية مع أوربا نظرا لحاجتها إلى الأصواف والجلود والحبوب وغير ذلك من المواد الخام ، بيد أن هذا النمو لم يكن
__________________
(١) مراجع معددة تؤكد هذه الحقيقة من بينها :
شارل أندري جوليان ، «التدخل المغربي في الجزائر غداة احتلالها» ، ترجمة محمد البوزيدي ، مجلة البحث العلمي ، العدد ٣ ، السنة ١ ، سبتمبر ـ دجنبر ١٩٦٤ ، ص. ١٦٥ ؛ عبد العزيز بن عبد الله تاريخ المغرب الحديث والفترة المعاصرة ، مصر ، ج ٢ ، ص ٥٧ ؛ الناصري ، الاستقصا ، ج ٩ ص. ٢٩.
Robert Comavin, Histoire de l\'Afrique, Tome II : P ٤٣٣; AzanP, Lemir Abdelkader, Hach ـ ette, Paris, ١٩٢٥, ١٤٢.
(٢) انظر النص الكامل للاتفاقية عند ابن زيدان ، الإتحاف ، ج ٥ : ١٦٦ وما بعدها ، ودراسة أحمد العماري ، «مشكلة الحدود الشرقية» ، مجلة كلية الآداب ، فاس ، عدد ٨ ، سنة ١٩٨٦ ، ص ١٩٧.