فتطير الطيور فيحشرونها إلى جهة الرماة ، فمن مر في طريقه طير أخرج فيه مكحلته ، حتى يصل العسكر إلى الرماة ، ثم انتقلنا إلى تربيعات أخرى ، واحدة بعد واحدة ، وكل واحدة يعملون فيها مثل العمل الأول ، فضربوا طيورا كثيرة ، وكان الباشدور أكثرهم إصابة ، وفي كل تربيعة يضرب فيها طيرين أو طيرا ، فتعجبت النصارى من رمايته (١) وإصابته ، وكان جملة ما أصاب من الطيور إما سبعة أو ثمانية ، وشاع هذا عندهم وجملة الطيور التي أصيبت في هذا الصيد قيل نيف وخمسون طائرا ، وأرنب واحدة.
ثم رجعنا إلى تلك الدار التي خرجنا منها ، فوجدنا قد نصبت موائد في البراح الذي قدام بابها ، وعليها أواني شرابهم فدخلنا إلى الدار. /٣٢١/ ثم خرج ولد عظيم الدولة إلى ذلك البراح الذي فيه تلك الموائد ، وكانت قد هيأت للعسكر الذي كان يحشر الطير للرماة ، فجلس معهم على تلك الموائد حتى شرب معهم ثم رجع إلى الدار وجلس مع الباشدور وأوتي بأنواع من حلواء الثلج وغيرها ، فتناولنا منها ما تيسر ثم ركبنا الأكداش راجعين إلى المدينة ، فنشأت غبرة كثيرة في الطريق من جري الخيل التي تجر الأكداش ، فقلت في سري زد هذه على حرارة الشمس التي ظللنا نتقلب فيها من مكان إلى آخر ، وقيدت إذ ذاك حين الرجوع هذه الأبيات (٢) :
فماالصيدفي وقت الربيع ولاالصيف |
|
من دأبي ولا أبغي التقلد بالسيف |
ولكن أحب الصيد في غسق الدجا |
|
ببيت غزال ناعم الكف والردف |
تعاطيني كأس الشوق صاف شرابه |
|
وتمزجه عتبا وتسمح بالعطف |
__________________
(١) «... حفلة الصيد البري الذي أقيم بمنطقةCastello Di StuPinigi على شرف سفير المغرب الذي عبر عن فرحته ومشاركته في الحفل وقام برمي عددا من الطلقات بالبندقية أصابت الهدف ...».
Gazzetta Del PoPolo, (Torino)، تاريخ ٢٩ غشت سنة ١٨٧٦ م.
(٢) قصيدة شعرية من البحر الطويل.