والتقنية والفنية ، بغية حفظها وعرضها للمتفرجين ، كمتاحف العلوم التقنية التي تبرز الأدوات والآلات والأجهزة القديمة وتطورها ، التي بواسطتها يستطيع المشاهد تتبع تطور الاختراعات التي توصلت إليها العبقرية البشرية في كل الميادين. ثم متاحف التاريخ الطبيعي ودار الوحوش الميتة وحديقة الحيوان ومتحف الشمع الشهير ببريطانيا ، ومتحف ليزانفليد ومتحف المعادن الملكي ببروكسيل ومدرج كوليسير بروما باهتمام كبير خاصة أن أخباره قد انتشرت عبر المعمور خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وكان يعتبر من عجائب وغرائب الوقت فوصف لعبة رقص الأفيال ولعبة الكلاب ، والغريب في الأمر أنه تعرف على ثلاثة مغاربة واحد مراكشي والآخران من سوس ، يقومون بألعاب بهلوانية فوق الخيل من أتباع أولاد سيدي أحمد وموسى بلندن. وقد سبق له أن تعرف على السرك بباريس وحاول استنباط أنواع الخدعة التي يستعملونها في حركاتهم فوق الخيل وغيره ، «... ليس في ذلك كبير مزية ، بل ذلك كله من قبيل الرياضيات والممارسات ، والنشأة في ذلك من حال الصبي حيث يعتاد ذلك ويصير ذلك لمتعاطيه طبيعة وعادة ...» وقارنهم بما يقومون به أصحاب البارود في المغرب من ألعاب الفروسية التي يتعجب منها «... ولا يأخذون عن ذلك أجرى ولا لهم عنه وظيف بخلاف هؤلاء ، فإن لهم فيه تجارة كبيرة وصائرا عظيما ..» (١).
وقد أشار إلى أن العلامة ابن خلدون قد تطرق إلى هذا الجانب في مقدمته «... إنها من قبيل المدارك التي يدركها الإنسان بالتدريج والرياضة ...» (٢). ويقصد
__________________
(١) ختم زيارته لدار البلار بلندن «بأن هدفه لم يكن الفرجة فقط بل في هيئة الدار وكيفيتها». مع العلم أن فكرة إقامة المعارض الدولية قد تنبهت لها الكثير من الدول في أوربا وأمريكا وتنافست في ما بينها في إقامة المعارض العامة وحققت من وراء ذلك أرباحا كبيرة ، بالإضافة إلى تشجيع الأبحاث والأشغال والمناظرة وغير ذلك.
(٢) انظر رحلة الجعيدي ، وكذلك دراسة محمد عابد الجابري «إبستيمولوجيا المعقول واللامعقول في مقدمة ابن خلدون. «أعمال ندوة ابن خلدون» ، ص ٧٣ ، كلية الآداب بالرباط ، سنة ١٩٧٩.