وبقربها بعض رجال الأمن لتنظيم المرور وحفظ الأمن مع انتشار الحدائق (١) والمنتزهات «... فتخاله كزريبة بديعة التزويق في غاية التنميق ، والصبيان يمرون بها مع أمهاتهم ، ولا ترى واحدا ينزع شيئا من ذلك النوار إنما يتركون ذلك تحسينا للنظر ومصلحة البصر ...» وبها العديد من المقاعد العمومية قصد الاستراحة والاستجمام وغير ذلك من التنظيمات العمرانية الحديثة التي اقتحمت اهتمام الجعيدي وعقله.
كما أعجب كثيرا بعظمة الفنادق الأوربية باعتبارها تضم أرقى التحف البديعة والأثاث المستظرفة والخدمات السريعة والتجهيزات الحديثة قصد توفير الراحة لرواد الفندق ، فخصها بالبحث والوصف الدقيق الممتع حتى قال «... إذا استحضرت ذلك وتأملته ووسعته دائرة خيالك على تفاصيله المبينة ، فكأنك تشاهد ذلك عيانا ...». بل تجاوز ذلك بمحاولته الجادة لكشف شكل فندق مرسيليا الهندسي رغم عدم اطلاعه على أصل تخطيطه في تقرير طويل بلغ حوالي عشر صفحات ، ورغبة منه في تفادي التكرار والإطناب ، اختصر الكلام عن فندق لندن رغم عظمته في بضعة أسطر فقط. وتوسع في وصفه القصور الملكية البريطانية والبلجيكية والإيطالية التي تزخر بالتحف النادرة والمتوارثة عند أسرهم الملكية أو المستوردة من المستعمرات.
وصف الجعيدي العديد من المنشآت العمومية والاجتماعية بعد أن رتبت لهم الزيارات إليها من طرف البلد المضيف ، فوقف في رحلته على وصف العديد من المتاحف باعتبارها المكان الذي تجمع فيه الأشياء ذات الأهمية التاريخية والعلمية
__________________
(١) كانت الهيئة الدبلوماسية تقوم بالضغط على السلطان الحسن الأول لإنجاز إصلاحات حضرية بطنجة تتعلق بترصيف طرقها وتزويدها بالماء الصالح للشرب وبناء مجزرة عمومية بها ، وغير ذلك حسب المناهج الأوربية (راجع رسالة محمد الأمين البزاز» ، المجلس الصحي الدولي بالمغرب من ١٧٩٢ إلى ١٩٢٩») وذلك لتسهيل حركة الاستيطان الأوربي.