تشكل طبقة حرفية بل كانت تستورد من الخارج ، لهذا تناول هذا الصناعة انطلاقا من الحرفي الصغير الذي يشغل في ورشه الصغير ، وتتبع الخطوات التي يتبعها للحصول على المصنوعات الزجاجية ، بل دقق حتى في بعض المواد الأولية التي يقيمها قصد الوصول إلى العجينة النهائية التي تتحول بمجهوده الفني إلى تحفة جميلة ، ونفس الشيء بالنسبة لصناعة المرايات والثريات الضخمة داخل فابريكات مختصة في ذلك.
باقي الصناعات الأخرى : كالتعدينية التي أشار فيها إلى كيفية صنع «الصواني» وتفضيضها أو تذهيبها وأواني الطبخ ، ومواد البناء ، والتماثيل والفلايل والإبر ، ثم صناعة أدوات البناء من النحاس ، إلى أن ينتهي إلى أفران صهر الحديد لصناعة محركات البواخر والقاطرات وخطوط السكة الحديدية وغير ذلك من الآلات الكبيرة ، والتي كانت تعتبر من الأمور العجيبة عصرئد عند المغاربة.
عمل الجعيدي أمام هذا التطور المادي الهائل الذي يهدف التجديد والتغيير والبناء كل جهده لنقل نشاط هذه الحركية التقنية في جميع مظاهرها. يصف أصعب مراحل الصنعة بكل تدقيق وتفصيل وبلغة واضحة يستعمل فيها بعض الكلمات الدارجة للوصول لغرضه ، ويطرح الكثير من الأسئلة عندما تستوقفه بعض الأشياء المغربية ، وكأنه يجمع المعلومات لغرض معين ، فقد استطاع هذا الفقيه الذكي أن يقربنا من الوسط الذي عاش فيه بضعة شهور ، فقد بحث ودقق وحقق وسأل واستفاد ، وقارن ولا حظ ... يأتي بذلك على وجه الاستغراب لأنه مفقود في بلاده المغربية.