الجانب المالي
إلى جانب المهام السياسية والعسكرية والاقتصادية التي كلفت بها السفارة المغربية من قبل السلطان الحسن الأول ، تأتي المهمة المالية المتعلقة بإعادة تجديد (١) ضرب السكة المغربية ، التي كانت قيمتها في تدهور مستمر لأسباب كثيرة ومتنوعة ، أمام السكة الأجنبية التي كانت تروج بجانبها لاحتياج المغاربة لها في شراء حاجياتهم من الخارج والداخل. بالإضافة إلى ظهور نقود مزورة ومقلدة للسكة المغربية ، وتهريب العملة الذهبية والفضية إلى الخارج وغير ذلك. «(٢) فانعكس الحال على التجار وتقاعدوا على الريال والبسيطة وفاضت الفلوس في الأسواق حتى صارت معاملة الناس ليست إلا بها ، وحصل للتجار من الضرر في رخص الريال ، ما كان للضعفاء في قلة الفلوس ...» فأصبح المغرب يتخبط في أزمة مالية جديدة جعلت الحسن الأول يبحث عن طريقة مثلى لإعادة تجديد ضرب السكة ، وقد اقترحت عليه بعض الحلول من طرف المندوب البريطاني د. هاي سنة ١٨٧٥ م (٣) ضمن برنامجه الإصلاحي الذي تقدم به إلى السلطان ، وذلك بإعادة ضرب السكة المغربية وفق معايير جديدة تساير التطورات الحاصلة في أوربا بدل ضربها بالطرق
__________________
(١) عندما ولي محمد الرابع ، عمد إلى ضرب «الدرهم الشرعي» عام ١٢٦١ ه / ١٨٤٥ م كمحاولة لتأسيس عملة مغربية جديدة لا تتأثر بتقلبات السكة الأجنبية ، وحمل المغاربة على أن لا يذكروا في معاملاتهم وأنكحتهم وسائر عقودهم إلا الدرهم الشرعي «مظاهر يقظة المغرب الحديث» محمد المنوني ، ج ١ : ٨٥.
(٢) الاستقصا ، الناصري ، ج ٤ : ٢٥٤ و٢٥٥ أثناء حوادث عام ١٢٩٤ ه.
(٣) في أبريل ١٨٧٥ سافر د. هاي إلى فاس لتقديم احتراماته للسلطان الجديد ، وعبر له بصراحة على ضرورة إجراء إصلاح إذا ما أراد أن يبقى المغرب بلدا مستقلا ، فاعترف له السلطان بأن السبب الرئيسي لتدهور البلاد هو استمرار النظام الحكومي القائم على الموظفين الذين لا يتقاضون أجورا ، واعتراض عدد من كبار رجال البلاط لأي تجديد ، مما يجعل من المستحيل عليه القضاء على الفساد في يوم واحد. «تاريخ العلاقات الأنجليزية ـ المغربية» ، روجرز ، ترجمة لبيب رزق ، ص ٢٤١.