بذلك ، وانتشر الخبر ونشرت الصحف (١) الإيطالية تفاصيل السرقة ، خاصة أن السفارة المغربية كانت تستعد لاستقبال ملك إيطاليا في الغد ، وقد استطاعت الشرطة الإيطالية إلقاء القبض على اللصوص ، وأرجعت المبلغ المالي إلى الزبيدي الذي رفض تسلمه ، لأنه ظن أن إرجاع الفلوس إليه ما هو إلا تغطية من طرف الحكومة الإيطالية للموضوع ، وطالبهم بإحضار الكيس الذي كانت به الدراهم ، فأجيب إن الكيس قد ألقاه اللصوص من القطار في إحدى الأودية ، فوجه الأمين والجعيدي إلى سجن طورين الجديد للتأكد من حقيقة القضية. هذه التغطية (٢)
__________________
(١) اهمت الصحافة الإيطالية كثيرا بهذا الحدث ، وتابعت القضية من أولها إلى آخرها وخاصة جريدة Sera Corriere Della كما هو مبين في تحقيق الرحلة.
(٢) هناك أوجه من التشابه بين هذه القضية وما وقع للحاج عبد الكريم بن محمد بريشة التطواني (١٨٣٠ ـ ١٨٧٩ م) الذي توجه سفيرا لإسبانيا في يناير ١٨٩٥ م للمذاكرة مع ملكة إسبانيا ضوناReina Dona بمدريد ، لطمه أحد الجنرالات المتقاعدين على ملأ من الناس والشارع ، فامتنع بريشة على المشي لمقابلة الملكة ، حتى قدمت الحكومة والملكة الإسبانية اعتذارا رسميا عن هاته الإهانة ، ومن أجل جبر خاطره تنازلت إسبانيا على نصف الدين الذي كان لها على المغرب وتعديل مدة الدفع للقسط الباقي ، وبذلك نجح نجاحا لم يسبق له مثيل (انظر ترجمته بقلم ح. أحمد معنينو «دعوة الحق» ، عدد ٤ ، أبريل ١٩٧١ ، ص ١٦٦ ، وعند محمد داود ، مختصر تاريخ تطوان ، ص ٣٢١ ، أما الزبيدي فإننا لا نعرف كيف تم جبر خاطره من هاته السرقة ، لأن الحديث الذي دار بين الزبيدي شخصيا وملك إيطاليا عند لقائه به ظل من الأسرار التي لم تكشف بعد كما جاء عند الجعيدي «... كان عندنا الإذن بالوقوف بباب القبة (الملك) عند دخول الباشدور ، حتى يؤذن لنا بالدخول وعند دخوله سد ذلك الباب ، ووقفنا ست دقائق ثم فتح الباب ، وأذن لنا بالدخول ... فلم يكن في القبة إلا عظيم الدولة والباشدور والترجمان لا غير ... وظهر فيه من الفرح والسرور ما لم نره من غيره ...». انظر ص من الرحلة ، وقد ذكرت الصحافة الإيطالية أن أعضاء السفارة المغربية تلقوا هدايا ثمينة. وقد أشار إلى ذلك الجعيدي ص وذكر أنه امتنع على أخذها حتى تعرض على السلطان الذي هو صاحبها الحقيقي ليجود عنهم برضاه ، ثم عادوا في أجود السفن الإيطالية إلى طنجة.