الأوائل الأواخر ، السالك سبيل العدل على أوضح سنن.
الشريف العلوي علامة زمانه سيدنا ومولانا الحسن (١) ، خلد الله ملكه ، وجعل الدنيا بأسرها ملكه ، وأدام سعادة أيامه ، وجعل البسيطة قبضة يده وطوع أحكامه ولا زال لواء عدله المنشور إلى يوم النشور. بادر أهل المودة من الروم (٢) بالنهوض والقدوم (٣) ، على هذا الإمام ، الليث المقدام ، بتهنئة سيادته باستقراره على كرسي الملك الموروث خلفا عن سلف وارتقائه معارج العز والمجد والشرف ، سائلين تجديد عهود تمهيد طرق الرشاد بما يعود نفعه على الدول من الصلاح والسداد ، اقتفاء لما أسسه أسلافه الكرام ووصلا لتلك العقود من غير انصرام ، فنالوا المنى من عدله ، وبسط عليهم أردية نواله وفضله. وبعد رجوع كل منهم (٤) لأوطانه ، وتبليغه / ما كلف به
__________________
(١) الحسن بن محمد بن عبد الرحمان العلوي ، أو الحسن الأول تولى ملك المغرب سنة ١٨٧٣ م ، وارثا عن والده العديد من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، العاصفة بسيادة المغرب واستقراره ، وذلك في جو من التشتت الداخلي والتنافس الخارجي ، فعمد داخليا إلى إصلاح هياكل المخزن وتجديدها مع قمع كل الفتن والثورات الداخلة ، وخارجيا عمل على الانفتاح التدريجي عن أوربا بإرسال البعثات العلمية واستيراد الأسلحة لتقوية الجيش المغربي وتنشيط العمل الدبلوماسي وتكثيفه لمواجهة التسرب الأوربي الاستعماري إلى داخل المغرب. توفي سنة ١٨٩٤ م. «الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى» ، ٩ : ٢٧٤ ، الدار البيضاء ، سنة ١٩٥٤ م.
(٢) يقصد الأوربيين ، وهذه الكلمة أكثر تلطفا مما استعمله باقي الرحالة المغاربة لأوربا خلال القرن ١٩ م ، مثلا نجد في رحلة الصفار التطواني إلى فرنسا صحبة السفير أشعاش ينعتهم بالكفار وعبدة الأوثان وأهل الضلال ، وعند الطاهر الفاسي في رحلته الإبريزية ينعتهم بالقوم الكافرين ، وعند أحمد الكردودي في تحفته السنية بالنصارى وأعداء الدين وغير ذلك.
(٣) استقبل السلطان الحسن الأول وهو ما زال ولي العهد السفير الفرنسي المقيم بطنجة السيد طيسوTis ـ so في أبريل سنة ١٨٧٣ م ، والسفير الأنجليزي هاي ادريموند هاي بفاس في أبريل سنة ١٨٧٥ م ، كما استقبل فيما بعد سفراء إسبانيا والبرتغال وألمانيا وغيرهم. الذين قدموا لتعزيته وتهنئته بتولية عرش المغرب.
(٤) يقصد أهل المودة من الروم ، وكان السياق يقتضي أن يقول : وبعد رجوع كل منهم.