(هُدىً) أي هاد من الضلالة (وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢) المصدقين به بالجنة (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) يأتون بها على وجهها (وَيُؤْتُونَ) يعطون (الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٣) يعلمونها باستدلال وأعيد هم لما فصل بينه وبين الخبر (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) القبيحة بتركيب الشهوة حتى رأوها حسنة (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) (٤) يتحيرون لقبحها عندنا (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ) أشده في الدنيا القتل والأسر (وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (٥) لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم (وَإِنَّكَ) خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم (لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) أي يلقى عليك
____________________________________
مقدر تقديره : ما فائدة الإتيان به؟ وما الثمرة المترتبة عليه؟ فأجاب بأنه (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ). قوله : (أي هاد من الضلالة) هذا أحد احتمالات في تفسير الهدى ، ويحتمل أن المراد ذو هدى ، أو بولغ فيه ، حتى جعل نفس الهدى على حد ما قيل في زيد عدل. قوله : (لِلْمُؤْمِنِينَ) حذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، فالقرآن هدى للمؤمنين وبشرى لهم لا للكافرين بدليل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) وخص المؤمنين بالذكر لأنهم المعتنى بهم ، المشرفون بخدمته تعالى. قوله : (يأتون بها على وجهها) أي بشروطها وأركانها على الوجه الأكمل.
قوله : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) أي الواجبة للأصناف الثمانية. قوله : (وَهُمْ) مبتدأ ، و (يُوقِنُونَ) خبره ، و (بِالْآخِرَةِ) متعلق بيوقنون. قوله : (يعلمونها بالاستدلال) أي من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، فمن شك في ذلك فقد كفر. قوله : (لما فصل بينه وبين الخبر) أي بمتعلق الخبر وهو قوله : (بِالْآخِرَةِ). قوله : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) مقابل قوله : (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) الخ ، على عادته سبحانه وتعالى ، متى ذكر وصف المؤمنين ، يعقبه بذكر ضدهم قوله : (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) أي حسناها لهم بأن جعلناها محبوبة لأنفسهم ، وهي في الواقع ليست حسنة ، وإنما ذلك ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، قال الشاعر :
يقضى على المرء في أيام محنته |
|
حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن |
قوله : (يتحيرون فيها) أي لتعارض تزيين الشيطان وإخبار الرحمن ، ولم تكن لهم بصيرة يميزون بها الحسن من القبح ، فأهل الكفر متحيرون في كفرهم لكونهم في ظلمات ، ومن المعلوم أن السائر في الظلمات ، متحير بخلاف السائر في النور ، فأهل الإيمان مصدقون مصممون على اعتقادهم ، وأهل الكفر متشككون متحيرون. قوله : (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أي إن خسرانهم في الآخرة أشد من خسرانهم في الدنيا ، لدوام العذاب في الآخرة. قوله : (بشدة) أخذ ذلك من تشديد الفعل. قوله : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) أي من عند من يضع الشيء في محله ، العالم بالكليات والجزئيات ، فذكر وصف العلم بعد الحكمة ، من ذكر العام بعد الخاص. قوله : (اذكر) قدره إشارة إلى أن قوله : (إِذْ قالَ) ظرف لمحذوف ، والمعنى اذكر يا محمد لقومك قصة موسى وما وقع له. قوله : (زوجته) أي بنت شعيب ، أي وولده وخادمه. قوله : (عند مسيره من مدين) أي ليجتمع بأمه وأخيه بمصر ، وكان في ليلة مظلمة باردة مثلجة ، وقد ضل عن الطريق ، وأخذ زوجته الطلق. قوله : (وكان قد ضلها) أي تاه عنها.