بشدة (مِنْ لَدُنْ) من عند (حَكِيمٍ عَلِيمٍ) (٦) في ذلك اذكر (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ) زوجته عند مسيره من مدين إلى مصر (إِنِّي آنَسْتُ) أبصرت من بعيد (ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ) عن حال الطريق وكان قد ضلها (أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ) بالإضافة للبيان وتركها أي شعلة نار في رأس فتيلة أو عود (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٧) والطاء بدل من تاء الافتعال من صلي بالنار بكسر اللام وفتحها تستدفئون من البرد (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ) أي بأن (بُورِكَ) أي بارك الله (مَنْ فِي النَّارِ) أي موسى (وَمَنْ حَوْلَها) أي الملائكة أو العكس ، وبارك يتعدى بنفسه وبالحرف ويقدر بعد في مكان (وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٨) من جملة ما نودي ومعناه تنزيه الله من السوء (يا مُوسى إِنَّهُ) أي الشأن (أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٩) (وَأَلْقِ عَصاكَ) فألقاها (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ) تتحرك (كَأَنَّها جَانٌ) حية خفيفة (وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) يرجع ، قال تعالى (يا مُوسى لا
____________________________________
قوله) (أَوْ آتِيكُمْ) أو مانعة خلو تجوز الجمع. قوله : (أي شعلة نار) أي شعلة مقتبسة من النار ، فالإضافة لبيان الجنس كما قال المفسر ، لأن الشهاب يكون من النار وغيرها كالكواكب. قوله : (بدل من تاء الافتعال) أي لأنها وقعت بعد الصاد ، وهي من حروف الأطباق ، فقلبت طاء على القاعدة المعلومة. قوله : (بكسر اللام) أي من باب تعب ، وقوله : (وفتحها) أي من باب رمى. قوله : (نُودِيَ) أي ناداه الله. قوله : (أي بأن) أشار بذلك إلى أن أن مصدرية ، وما بعدها في تأويل مصدر ، وحرف الجر مقدر قبلها ، أي نودي ببركة (مَنْ فِي النَّارِ) الخ ، أي بتقديسه وتطهيره مما يشغل قلبه عن غير الله وتخليصه للنبوة والرسالة ، أي ناداه الله ، بأننا قدسناك وطهرناك واخترناك للرسالة ، كما تقدم في طه حيث قال : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) الخ.
قوله : (مَنْ فِي النَّارِ) هو نائب فاعل (بُورِكَ) ، وهذه تحية لموسى وتكرمة له. قوله : (أو العكس) أي فتفسر من الأولى بالملائكة ، والثانية بموسى ، وعلى هذا التفسير فلا يحتاج لتقدير مضاف. قوله : (يتعدى بنفسه) أي فيقال باركك الله. قوله : (وبالحرف) أي اللام وفي وعلى. قوله : (ويقدر بعد في مكان) أي على التفسير الأول ، فيقال أن بورك من في مكان النار ، وإنما احتيج لهذا التقدير ، لأن موسى إذ ذاك لم يكن في النار حقيقة ، بل كان في المكان القريب منها. قوله : (من جملة ما نودي) أي أتى به ، وإنما أتى بالتنزيه هنا ، لدفع ما يتوهم أن الكلام الذي سمعه في ذلك المكان ، بحرف وصوت ، أو كون الله في مكان أو جهة.
قوله : (وَأَلْقِ عَصاكَ) لم يقل هنا وأن كما في القصص ، لأنه هنا ذكر بعد أن فعل ، فحسن عطف ألق عليه ، وما يأتي لم يذكر ، فقد عطف وأن أطلق ، على قوله أن يا موسى إني أنا الله. قوله : (تَهْتَزُّ) حال من ضمير (رَآها). قوله : (حية خفيفة) أي في سرعة الحركة ، فلا ينافي عظم جثتها. قوله : (يرجع) أي لم يرجع على عقبه. قوله : (لا تَخَفْ) (منها) أي لأنك في حضرتي ، ومن كان فيها فهو آمن ، لا يخطر بباله خوف من شيء. قوله : (لكن) (مَنْ ظَلَمَ) الخ ، أشار إلى أن الاستثناء منقطع ، و (مَنْ ظَلَمَ) مبتدأ ، وقوله : (فَإِنِّي غَفُورٌ) خبره. قوله : (أتاه) أي عمله. قوله : (طوق القميص) إنما لم يأمره بإدخالها