الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٣٠) (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) (٣١) (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بقلبها واوا ، أي أشيروا عليّ (فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً) قاضيته (حَتَّى تَشْهَدُونِ) (٣٢) تحضرون (قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) أي أصحاب شدة في الحرب (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ) (٣٣) نا نطعك (قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها) بالتخريب (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) (٣٤) أي مرسلو الكتاب
____________________________________
معرفتها وبلاغة لفظها. قوله : (كَرِيمٌ) مكرم معظم. قوله : (مختوم) أي لأن الكتاب المختوم ، يشعر بالاعتناء بالمرسل إليه ، لما ورد : من كتب إلى أخيه كتابا ولم يختمه فقد استخف به. قوله : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) جملة مستأنفة وقعت جوابا لسؤال مقدر تقديره : ما ذا مضمونه. قوله : (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) أي الأشراف ، سموا بذلك لأنهم يملؤون العين بمهابتهم ، وكانوا ثلاثمائة واثني عشر ، لكل واحد منهم عشرة آلاف من الأتباع. قوله : (ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً) أي إن عادتي معكم لا أفعل أمرا حتى أشاوركم. قوله : (أُولُوا قُوَّةٍ) الخ ، استفيد من ذلك أنهم أشاروا عليها بالقتال أولا ، ثم ردوا الأمر إليها. قوله : (نطعك) مجزوم في جواب الأمر.
قوله : (قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ) الخ ، أي فلم ترض بالحرب الذي أشاروا عليها به ، بل اختارت الصلح وبينت سببه. قوله : (إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً) أي عنوة. قوله : (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) أي منتظرة رجوع الرسل وعودهم إلي. قوله : (إن كان ملكا قبلها) أي وقاتلناه. قوله : (أو نبيا لم يقبلها) أي واتبعناه ، لأنها كانت لبيبة عاقلة تعرف سياسة الأمور. قوله : (ألفا بالسوية) أي خمسمائة ذكر ، وخمسمائة أنثى. قوله : (فأمر أن تضرب لبنات الذهب والفضة) أي كما يضرب الطين. قوله : (وأن تبسط من موضعه) أي توضع في الأرض كالبلاط. قوله : (إلى تسعة فراسخ) أي وهو مسيرة يوم وثمن يوم. قوله : (وأن يبنوا) أي الجن. قوله : (عن يمين الميدان وشماله) أي وقصد بذلك إظهار البأس والشدة. وحاصل تفصيل تلك القصة : أن بلقيس عمدت إلى خمسمائة غلام وخمسمائة جارية ، فألبست الجواري لباس الغلمان الأقبية والمناطق ، وألبست الغلمان لباس الجواري ، وجعلت في أيديهم أساور الذهب ، وفي أعناقهم أطواق الذهب ، وفي آذانهم أقرطة وشنوفا ، مرصعات بأنواع الجواهر ، وحملت الجواري على خمسمائة فرس ، والغلمان على خمسمائة برذون ، على كل فرس سرج من ذهب مرصع بالجواهر وأغشية الديباج ، بعثت إليه لبنات من فضة ، وتاجا مكللا بالدر والياقوت ، وأرسلت بالمسك والعنبر والعود ، وعمدت إلى حقة ، جعلت فيها درة ثمينة غير مثقوبة ، وخرزة جزع معوجة الثقب ، ودعت رجلا من أشراف قومها يقال له المنذر بن عمرو ، وضمت إليه رجالا من قومها أصحاب عقل ورأي ، وكتبت مع المنذر كتابا تذكر فيه الهدية وقالت : إن كنت نبيا فميز الوصفاء والوصائف ، وأخبرنا بما في الحقة قبل أن تفتحها ، واثقب الدرة ثقبا مستويا ، وأدخل في الخرزة خيطا من غير علاج أنس ولا جن ، وأمرت بلقيس الغلمان فقالت : إذا كلمكم سليمان ، فكلموه بكلام فيه تأنيث وتخنيث يشبه كلام النساء ، وأمرت الجواري أن يكلموه بكلام فيه غلظة يشبه كلام الرجال ، ثم قالت للرسول : انظر إلى الرجل إذا دخلت عليه ، فإن