وأخرج موسى منه وهو يمص من إبهامه لبنا (لِيَكُونَ لَهُمْ) في عاقبة الأمر (عَدُوًّا) يقتل رجالهم (وَحَزَناً) يستعبد نساءهم ، وفي قراءة بضم الحاء وسكون الزاي لغتان في المصدر ، وهو هنا بمعنى اسم الفاعل من حزنه كأحزنه (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ) وزيره (وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) (٨) من الخطيئة أي عاصين فعوقبوا على يديه (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ) وقد همّ مع أعوانه بقتله هو (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) فأطاعوها (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩) بعاقبة أمرهم معه (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى) لما علمت بالتقاطه (فارِغاً) مما سواه (إِنْ) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي إنها (كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) أي بأنه ابنها (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) بالصبر أي سكناه (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠) المصدقين بوعد الله ، وجواب لو لا دل عليه ما قبلها (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ) مريم (قُصِّيهِ) أي اتبعي أثره حتى تعلمي خبره (فَبَصُرَتْ بِهِ) أبصرته (عَنْ جُنُبٍ) من مكان بعيد اختلاسا (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١١) أنها أخته وأنها ترقبه (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ
____________________________________
اللام الذي هو الترتب مع الجزئي ، فاستعير لفظ اللام واستعمل في الترتب الجزئي ، والعداوة والحزن قرينة ، أفاده الملوي. قوله : (وفي قراءة) الخ ، أي وهي سبعية أيضا. قوله : (من حزنه) هو من باب ضرب ونصر. قوله : (فعوقبوا على يديه) أي إنه تربى على أيديهم ، فهو أبلغ في إذلالهم.
قوله : (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ) أي وهي آسية بنت مزاحم ، وكانت من خيار النساء ، قيل كانت من ذرية الريان بن الوليد الذي كان في زمن يوسف الصديق عليهالسلام ، وقيل من بنات الأنبياء من بني إسرائيل من سبط موسى عليهالسلام ، وقيل كانت عمته فقالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه : هذا الولد أكبر من ابن سنة ، وأنت تذبح ولدان هذه السنة فدعه يكون عندي ، وقيل إنها قالت له : إنه أتى من أرض أخرى ، وليس هو من بني إسرائيل. قوله : (هو) (قُرَّتُ عَيْنٍ) أشار المفسر إلى أنه خبر لمحذوف. قوله : (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) الخ ، أي لما رأت فيه من العلامات الدالة على النجابة والبركة. قوله : (فأطاعوها) أي على عادة أمراء مصر ، من كونهم يطيعون النساء فيما يقلنه. قوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) حال من آل فرعون.
قوله : (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى) يصح أن يبقى أصبح على ظاهره إن ثبت أنه ألقته ليلا أو يجعل بمعنى صار إن كانت ألقته نهارا. قوله : (فارِغاً) (مما سواه) أي من التفكير في غيره ، لما ورد أنه أتاها الشيطان وقال : كرهت أن يقتل فرعون ابنك ، فيكون لك أجره وثوابه ، وتوليت أنت قتله فأغرقته في البحر ، فحزنت لذلك وانحصرت فكرتها فيه ونسيت ما أوحى به إليها. قوله : (لَتُبْدِي بِهِ) ضمنه معنى تصرح فعداه بالباء ، ويصح أن يبقى على ظاهره ، وتكون الباء زائدة أي تظهره.
قوله : (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) جوابها محذوف أي لأبدت به كما أشار له المفسر. قوله : (بوعد الله) أي المدلول عليه بقوله (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) الخ. قوله : (لِأُخْتِهِ) أي شقيقته. قوله : (مريم) هو أحد أقوال ، وقيل اسمها كلثمة وقيل كلثوم. قوله : (عَنْ جُنُبٍ) حال إما من الفاعل أو من الضمير المجرور