الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ) أي قبل رده إلى أمه ، أي منعناه من قبول ثدي مرضعة غير أمه فلم يقبل ثدي واحدة من المراضع المحضرة له (فَقالَتْ) أخته (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ) لما رأت حنوّهم عليه (يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ) بالارضاع وغيره (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) (١٢) وفسرت ضمير له بالملك جوابا لهم ، فأجيبت ، فجاءت بأمه ، فقبل ثديها ، وأجابتهم عن قبوله بأنها طيبة الريح طيبة اللبن ، فأذن لها في إرضاعه في بيتها ، فرجعت به كما قال تعالى (فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها) بلقائه (وَلا تَحْزَنَ) حينئذ (وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ) برده إليها (حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أي الناس (لا
____________________________________
بالياء ، أي أبصرته مستخفية كائنة عن جنب وأبصرته بعيدا منها. قوله : (اختلاسا) أي اختفاء. قوله : (وأنها ترقبه) أي تنظره.
قوله : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ) أي على موسى. قوله : (مِنْ قَبْلُ) هو ظرف مبني على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه. قوله : (أي منعناه) أشار بذلك إلى أن المراد من التحريم لازمه وهو المنع ، لأن الصبي ليس من أهل التكليف. قوله : (من المراضع المحضرة) أي التي أحضرها فرعون. قوله : (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) أي مخلصون في العمل من شوائب الفساد. قوله : (حنوهم عليه) أي عطفهم وميلهم إليه. قوله : (وغيره) أي كالتربية وإصلاح الحال. قوله : (فقبل ثديها) أي بعد أن مكث عندهم ثمانية أيام لا يقبل ثدي مرضعة أصلا ، قيل إن هامان لما سمع قولها (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) قال إنها لتعرفه وأهله ، فخذوها واحبسوها حتى تخبر بحاله ، فقالت : إنما أردت وهم له أي للملك ناصحون ، فأمرها فرعون بأن تأتي بمن يكفله ، فأتت بأم موسى وهو على يد فرعون يبكي طالبا للرضاع ، وهو يعلله شفقة عليه ، فلما وجد ريحها استأنس والتقم ثديها ، فقال لها : من أنت منه ، فقد أبى كل ثدي إلا ثديك؟ فقالت : إني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن ، لا أكاد أوتى بصبي إلا قبلني ، فدفعه إليها وقال لها : أقيمي عندنا لإرضاعه ، فقالت : لا أقدر على فراق بيتي ، فإن رضيتم أرضعته في بيتي ، وإلا فلا حاجة لي فيه ، وأظهرت الزهد فيه نفيا للتهمة عنها ، فرضوا بذلك ، فرجعت إلى بيتها من يومها ، ولم يبق أحد من آل فرعون إلا أهدى إليها وأتحفها بالذهب والجواهر.
قوله : (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها) أي تبرد وتسكن من ألم الفراق. قوله : (وَلا تَحْزَنَ) عطف على (تَقَرَّ) منصوب بأن مضمرة بعد (كَيْ). قوله : (فمكث عندها إلى أن فطمته) أي وهو سنتان. قوله : (وأخذتها لأنها مال حربي) جواب عما يقال : كيف جاز لها أن تأخذ أجرة منه على إرضاع ولدها؟ قوله : (أو ثلاث) أو لتنويع الخلاف. قوله : (أي بلغ أربعين سنة) المناسب أن يقول أي كمل عقله وانتهى شبابه ، لأن موسى أقام في مصر ثلاثين سنة ، ثم ذهب إلى مدين وأقام فيها عشر سنين ، ووقعة قتل القبطي كانت قبل ذهابه لمدين ، فهي السبب فيه. قوله : (كما جزيناه) أي مثل ذلك الذي فعلناه بموسى وأمه ، نجزي المحسنين على إحسانهم. قوله (منف) بضم فسكون ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث أو العجمة ، وهي من أعمال مصر ، وقيل هي قرية يقال لها أم خنان على فرسخين من مصر ، وقيل هي مدينة عين الشمس ، وقيل هي مصر. قوله : (وقت القيلولة) وقيل بين المغرب والعشاء ، وسبب دخوله المدينة في ذلك الوقت ،