أَشُقَّ عَلَيْكَ) باشتراط العشر (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ) للتبرك (مِنَ الصَّالِحِينَ) (٢٧) الوافين بالعهد (قالَ) موسى (ذلِكَ) الذي قلته (بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) الثمان أو العشر وما زائدة أي رعيه (قَضَيْتُ) به أي فرغت منه (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) بطلب الزيادة عليه (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ) أنا وأنت (وَكِيلٌ) (٢٨) حفيظ أو شهيد ، فتم العقد بذلك وأمر شعيب ابنته أن تعطي موسى عصا يدفع بها السباع عن غنمه ، وكانت عصا الأنبياء عنده ، فوقع في يدها عصا آدم من آس الجنة ، فأخذها موسى بعلم شعبب (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) أي رعيه وهو ثمان أو عشر سنين وهو المظنون به (وَسارَ بِأَهْلِهِ) زوجته بإذن أبيها نحو مصر (آنَسَ) أبصر من بعيد (مِنْ جانِبِ الطُّورِ) اسم جبل (ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) هنا (إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ)
____________________________________
لمحذوف والتقدير فالتمام من عندك تفضلا ، لا إلزاما. قوله : (للتبرك) أي فالاستثناء للتبرك والتفويض إلى توفيقه تعالى لا للتعليق ، لأن صلاحه محقق. قوله : (ذلِكَ) اسم الإشارة مبتدأ ، و (بَيْنِي وَبَيْنَكَ) خبره ، والمعنى ذلك الذي وقع منك وعاهدتني عليه ، ثابت بيننا جميعا ، لا يخرج عنه واحد منا ، ويصح أن يكون ذلك مفعول لمحذوف أي قبلت ذلك ، وقوله : (بَيْنِي وَبَيْنَكَ) الخ ، حال من اسم الإشارة ، والمعنى قبلت ذلك العقد حال كونه كائنا بيني وبينك ، لم يكن علينا شهيد إلا الله.
قوله : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) أي شرطية ، وجوابها فلا عدوان علي ، وما زائدة كما قال المفسر. قوله : (الثمان أو العشر) بالنصب تفسير لأي. قوله : (فتم العقد) أي عقد النكاح والإجارة. إن قلت : إن الذي وقع من شعيب وعد ، والنكاح لا يكون إلا بصيغة إبرام ، وأيضا لم يبين المنكوحة ، وأيضا الصداق ليست ثمرته عائدة عليها. وأجيب بجوابين : الأول أن هذا كان في شرعه جائز. الثاني أنه يمكن تنزيله على شرعنا ، بأنه قصد بالوعد إنشاء الصيغة ، وقد وقع من موسى القبول بقوله : (ذلِكَ) وبأنه يمكن أنه بيّن المنكوحة بإشارة مثلا ، وأن الغنم يمكن أن يكون بعضها مملوكا لها ، فثمرة الرعي عائدة عليها. قوله : (فوقع في يدها عصا آدم) قيل إنه أودعها ملك في صورة رجل عند شعيب ، فأمر ابنته أن تأتيه بعصا ، فأتته بها فردها سبع مرات ، فلم يقع في يدها غيرها ، فدفعها إليه ثم ندم لأنها وديعة عنده ، فتبعه فاختصما فيها ورضيا أن يحكم بينهما أول طالع ، فأتاهما الملك فقال ألقياها ، فمن رفعها فهي له ، فعالجها الشيخ فلم يطقها ، فرفعها موسى عليهالسلام فكانت له. قوله : (من آس الجنة) أي وتوارثها الأنبياء بعد آدم ، فصارت منه إلى نوح ، ثم إلى إبراهيم ، حتى وصلت لشعيب ، وكان لا يأخذها غير نبي إلا أكلته. قوله : (وهو المظنون به) أي وإن لم يصرح القرآن به لكمال مروءته ، فالمعول عليه أنه وفى العشر. قوله : (بِأَهْلِهِ) أي زوجته وولده وخادمه. قوله : (نحو مصر) أي لصلة رحمه وزيارة أمه وأخيه. ورد أنه لما عزم على السير قال لزوجته : اطلبي من أبيك أن يعطينا بعض الغنم ، فطلبت من أبيها ذلك فقال : لكما كل ما ولدت هذا العام على غير شبهها ، من كل أبلق وبلقاء ، فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك الماء واسق منه الغنم ، ففعل ذلك ، فما أخطأت واحدة إلا وضعت حملها ما بين أبلق وبلقاء ، فعلم شعيب أن ذلك رزق ساقه إلى موسى وابنته ، فوفى له بشرطه وأعطاه الأغنام.