عن الطريق وكان قد أخطأها (أَوْ جَذْوَةٍ) بتثليث الجيم قطعة وشعلة (مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٢٩) تستدفئون ، والطاء بدل من تاء الافتعال من صلي بالنار بكسر اللام وفتحها (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ) جانب (الْوادِ الْأَيْمَنِ) لموسى (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) لموسى لسماعه كلام الله فيها (مِنَ الشَّجَرَةِ) بدل من شاطىء بإعادة الجار لنباتها فيه ، وهي شجرة عناب أو عليق أو عوسج (أَنْ) مفسرة لا مخففة (يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣٠) (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) فألقاها (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ) تتحرك (كَأَنَّها جَانٌ) وهي الحية الصغيرة من سرعة حركتها (وَلَّى
____________________________________
قوله : (مِنْ جانِبِ الطُّورِ) أي الأيمن بدليل ما يأتي. قوله : (عن الطريق) أي لنستدل عليها. قوله : (بتثليث الجيم) أي وكلها سبعية فالكسر قراءة الجمهور ، والضم قراءة حمزة ، والفتح قراءة عاصم. قوله : (قطعة وشعلة) أي عود غليظ كأن في رأسه نارا أو لا ، قيل وهو ما رأسه نار ، فقوله : (مِنَ النَّارِ) وصف مخصص على الأول وكاشف على الثاني. قوله : (والطاء بدل من تاء الافتعال) أي فأصله تصتلون ، وقعت التاء بعد أحد حروف الإطباق فقلبت طاء. قوله : (بكسر اللام) أي من باب رضي ، وقوله : (وفتحها) أي من باب رمى.
قوله : (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ) الخ ، قيل إن موسى لما رأى النار مشتعلة في الشجرة الخضراء ، علم أن ذلك لا يقدر عليه إلا الله ، فلما نودي علم أن الله هو المتكلم بذلك النداء. قوله : (الْأَيْمَنِ) صفة للشاطىء أو للوادي ، من اليمن وهو البركة ، أو اليمين مقابل اليسار ، والمعنى الشاطىء الذي يلي يمين موسى. قوله : (فِي الْبُقْعَةِ) متعلق بنودي. قوله : (الْمُبارَكَةِ) (لموسى) أي لأنه في ذلك المحل حصلت له البركة التامة ، فتلك الليلة أسعد لياليه ، كليلة الإسراء لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (مِنَ الشَّجَرَةِ) حال من الضمير في نودي ، والتقدير نودي موسى ، والحال أنه كائن في وجهة الشجرة ، وليس المراد أنه سمع الكلام من جهة الشجرة فقط ، بل المحققون على أنه سمع الكلام بجميع أجزائه ، بلا حرف ولا صوت من جميع جهاته ، كما يكون لنا في الآخرة عند رؤية ذاته تعالى ، بلا كيف ولا انحصار. قوله : (بدل) أي بدل اشتمال. قوله : (أو عوسج) أي شوك. قوله : (مفسرة) أي لأنه تقدمها جملة فيها معنى القول دون حروفه. قوله : (لا مخففة) أي لعدم إفادتها المعنى المقصود.
قوله : (إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) هكذا قال هنا ، وفي سورة طه : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ). وقال في النمل : (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) ولا تنافي بل الكل قال الله له. قوله : (وَأَنْ أَلْقِ) عطف على قوله : (أَنْ يا مُوسى). قوله : (من سرعة حركتها) أي فهو وجه شبهها بالجان ، وقوله في الآية الأخرى (فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) أي في عظم الجثة ، فتحصل أنها باعتبار الجثة كالثعبان العظيم ، وباعتبار الخفة وسرعة الحركة كالحية الصغيرة. قوله : (وَلَّى مُدْبِراً) أي باعتبار الطبع البشري حين رآها بهذه الصفة ، ورد أنها لم تدع شجرة ولا صخرة إلا ابتلعتها ، حتى إن موسى سمع صرير أسنانها ، وقعقعة الشجر والصخر في جوفها ، فحينئذ ولى مدبرا. قوله : (من الأدمة) أي الحمرة. قوله : (تغشى البصر) أي تغطيه.