مُدْبِراً) هاربا منها (وَلَمْ يُعَقِّبْ) أي يرجع فنودي (يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) (٣١) (اسْلُكْ) أدخل (يَدَكَ) اليمنى بمعنى الكف (فِي جَيْبِكَ) هو طوق القميص وأخرجها (تَخْرُجْ) خلاف ما كانت عليه من الأدمة (بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) أي برص فأدخلها وأخرجها تضيء كشعاع الشمس تغشى البصر (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) بفتح الحرفين وسكون الثاني مع فتح الأول وضمه ، أي الخوف الحاصل من إضاءة اليد بأن تدخلها في جيبك فتعود إلى حالتها الأولى ، وعبر عنها بالجناح لأنها للإنسان كالجناح للطائر (فَذانِكَ) بالتشديد والتخفيف أي العصا واليد وهما مؤنثان وإنما ذكر المشار به إليهما المبتدأ لتذكير خبره (بُرْهانانِ) مرسلان (مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٣٢) (قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً) هو القبطي السابق (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (٣٣) به (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً) أبين (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً) معينا وفي قراءة بفتح الدال بلا همزة (يُصَدِّقُنِي) بالجزم جواب الدعاء وفي قراءة بالرفع ، وجملته صفة ردءا (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) (٣٤) (قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ) نقويك (بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) غلبة (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) بسوء اذهبا (بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) (٣٥) لهم
____________________________________
قوله : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) جعل الجناح هنا مضموما ، وفي آية طه مضموما إليه حيث قال : (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) لأن المراد بالجناح المضموم اليد اليمنى ، وبالجناح المضموم إليه اليد اليسرى ، وكل من اليدين جناح. قوله : (مِنَ الرَّهْبِ) متعلق باضمم. قوله : (بفتح الحرفين) الخ ، أي فالقراءات ثلاث سبعيات. قوله : (بأن تدخلها) أي تدخل اليد اليمنى التي حصل فيها البياض في جيبك ، فتعود لحالتها الأولى ، فيزول عنك الخوف والفزع الذي حصل لك. قوله : (كالجناح للطائر) أي لأن الطائر إذا خاف نشر جناحيه ، وإذا أمن واطمأن ضمهما إليه. قوله : (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فالمشددة تثنية ذلك بلام البعد ، والمخفف تثنية ذاك ، فالتشديد عوض عن اللام في المفرد. قوله : (وإنما ذكر المشار به) الخ ، جواب عما يقال : إن العصا واليد مؤنثتان ، فكان اللائق الإشارة إليهما بتان ، فأجاب بأنه روعي الخبر قوله : (مرسلان) أشار بذلك إلى أن قوله : (مِنْ رَبِّكَ) متعلق بمحذوف صفة ل (بُرْهانانِ). قوله : (وَمَلَائِهِ) أي جماعته. قوله : (لِساناً) أي كلاما. قوله : (ردءا) حال من ضمير أرسله. قوله : (بفتح الدال) أي مع التنوين وهي سبعية أيضا.
قوله : (يُصَدِّقُنِي) أي يقويني في الصدق عند الخصم ، بتوضيح الحجج والبراهين. قوله : (جواب الدعاء) أي الذي هو قوله : (فَأَرْسِلْهُ مَعِي) لأن طلب الأدنى من الأعلى دعاء. قوله : (أَنْ يُكَذِّبُونِ) أي بسبب العقدة التي كانت في فيه ، بسبب الجمرة التي وضعها وهو صغير في فيه. قوله : (نقويك) أي فشد العضد كناية عن التقوية من إطلاق السبب وإرادة المسبب ، لأن شد العضد يستلزم شد اليد ، وشد اليد مستلزم للقوة. قوله : (بسوء) متعلق بيصلون ، وقوله : (بِآياتِنا) متعلق بمحذوف قدره بقوله : (اذهبا) بدليل الآية الأخرى (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ) وجمعهما في ضمير واحد ، مع أن هارون لم يكن حاضرا