لَيْسَ لَكَ بِهِ) بإشراكه (عِلْمٌ) موافقة للواقع فلا مفهوم له (فَلا تُطِعْهُما) في الإشراك (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨) فأجازيكم به (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) (٩) الأنبياء والأولياء بأن نحشرهم معهم (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ) أي أذاهم له (كَعَذابِ اللهِ) في الخوف منه فيطيعهم فينافق (وَلَئِنْ)
____________________________________
صفة لمصدر محذوف على حذف مضاف ، ويصح أن يبقى على مصدريته مبالغة على حد : زيد عدل. قوله : (بأن يبرهما) أي يحسن إليهما ، وأوجه البر كثيرة جدا منها : لين الجانب والخدمة وبذل المال لهما وطاعتهما في غير معاصي الله وغير ذلك.
قوله : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي) أتى هنا باللام ، وفي لقمان بعلى حيث قال : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي) لأن ما هنا موافق لما قبله في قوله : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) وما في لقمان ضمن (جاهَداكَ) معنى حملاك. قوله : (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ما) مفعول تشرك ، أي إلها لا علم لك به. قوله : (موافقة للواقع) علة لمحذوف تقديره ذكر هذا القيد موافقة للواقع ، أي أن الواقع أن الإله واحد ، فليس إله لك به علم ، وإله لا علم لك به ، وأما الأصنام فإشراكها مع الله في العبادة هزؤ وسخافة عقل ، إذ لو تأمل الكافر أدنى تأمل ، ما علم إلها غير الله ولا ظنه ولا توهمه. قوله : (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) فيه وعد حسن لمن بر بوالديه واتبع الهدى ، ووعيد لمن عق والديه واتبع سبيل الردى. قوله : (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي بالصالح والسيىء ، فيترتب على كل جزاؤه.
قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) الخ ، (الَّذِينَ) اسم موصول مبتدأ ، و (آمَنُوا) صلته ، وقوله : (لَنُدْخِلَنَّهُمْ) الخ ، خبره. قوله : (بأن نحشرهم معهم) أي يوم القيامة ، بل ويجتمعون بهم في البرزخ ، فإذا مات المؤمن الصالح ، اجتمعت روحه بمن أحب من الأنبياء والأولياء حتى تقوم القيامة ، فحينئذ يكون مرافقا لهم في الدرجات العالية ، قال تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً).
قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) الخ ، لما بين حال المؤمنين والكافرين فيما تقدم ، بيّن هنا حال المنافقين وهم من أظهروا الإسلام وأخفوا الكفر ، و (مِنَ النَّاسِ) خبر مقدم ، و (مَنْ يَقُولُ) مبتدأ مؤخر ، وقوله : (آمَنَّا بِاللهِ) الخ ، مقول القول. قوله : (فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ) أي آذاه الكفار على إظهار الإيمان. قوله : (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) أي لم يصبر على الأذى ، بل ترك الدين الحق ، والتشبيه من حيث إن عذاب الله مانع للمؤمنين من الكفر ، فكذلك المنافقون جعلوا أذاهم مانعا من الإيمان ، وكان يمكنهم الصبر على الأذى إلى حد الإكراه ، وتكون قلوبهم مطمئنة بالإيمان. قوله : (فيطيعهم) أي ظاهرا وباطنا ، وأما المكره فقد أطاع ظاهرا لا باطنا ، والمؤاخذة مرجعها للقلب. قوله : (والواو) الخ ، عطف على نون الرفع مسلط عليه قوله : (حذف منه). قوله : (لالتقاء الساكنين) أي ولوجود الضمة دليلا عليها. قوله : (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) (في الإيمان) أي وإن الذي وقع منا ، إنما هو على سبيل الإكراه. قوله : (أي بعالم) أشار بذلك إلى أن التفضيل في صفات الله وأسمائه ليس مرادا.