أي الجنة فاخترن الآخرة على الدنيا (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) بفتح الياء وكسرها أي بينت أو هي بينة (يُضاعَفْ) وفي قراءة يضعف بالتشديد ، وفي أخرى نضعف بالنون معه ونصب العذاب (لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) ضعفي عذاب غيرهن أي مثليه (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٠) (وَمَنْ يَقْنُتْ) يطع (مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) أي مثلي ثواب غيرهن من النساء ، وفي قراءة بالتحتية في تعمل ونؤتها (وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) (٣١) في الجنة زيادة (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ) كجماعة (مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَ) الله
____________________________________
(أطلقكن من غير ضرار) أي من غير تعب ومشقة. قوله : (فاخترن الآخرة على الدنيا) أي ودمن على ذلك ، فكن زاهدات في الدنيا ، حتى ورد أن عائشة دخل عليها ثمانون ألف درهم من بيت المال ، فأمرت جاريتها بتفرقتها ففرقتها في مجلس واحد ، فلما فرغت طلبت عائشة منها شيئا تفطر به وكانت صائمة ، فلم تجد منها شيئا.
قوله : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ) إلخ ، هذه الآيات خطاب من الله لأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم إظهارا لفضلهن وعظم قدرهن عند الله تعالى ، لأن العتاب والتشديد في الخطاب ، مشعر برفعة رتبتهن لشدة قربهن من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لأنهن ضجيعاته في الجنة ، فبقدر القرب من رسول الله يكون القرب من الله ، خلافا لمن شذ وزعم أن حب النبي والقرب منه والتعلق به شرك. قوله : (بِفاحِشَةٍ) قيل المراد بها الزنا ، والمعنى لو وقع من واحدة منكن هذا الفعل ، لحدت حدين ، لعظم قدرها ، كالحر بالنسبة للأمة ، وعلى هذا القول فلا خصوصية لنساء النبي ، بل جميع نساء الأنبياء مصونات من الزنا ، ولذا قال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، وإنما خانت امرأة نوح ولوط في الإيمان والطاعة ، وقيل المراد بها النشوز وسوء الخلق ، وقيل الفاحشة إذا وردت معرفة فهي الزنا واللواط ، وإن وردت منكرة فهي سائر المعاصي ، وإن وردت منعوتة كما هنا ، فهي عقوق الزوج وسوء عشرته ، وقيل المراد بها جميع المعاصي وهو الأظهر ، وهذا على سبيل الفرض والتقدير على حد : لئن أشركت ليحبطن عملك ، وإلا فنساء النبي مطهرات مصونات من الفواحش. قوله : (بفتح الباء وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (أي بينت) إلخ ، لف ونشر مرتب. قوله : (وفي قراءة يضعف) أي والثلاث سبعيات. قوله : (العذاب) أي عذاب الدنيا وعذاب الآخرة. قوله : (أي مثليه) أي فضعف الشيء مثله ، وضعفاه مثلاه ، وأضعافه أمثاله.
قوله : (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) أي سهلا ، فلا يبالي الله بأحد وإن عظمت رتبته ، فليس أمر الله كأمر الخلق بترك تعذيب الأعزة حيث أذنبوا ، لكثرة أوليائهم وأعوانهم ، بل المكرم عند الله هو التقي. قوله : (وَتَعْمَلْ صالِحاً) أي تدم عليه ، وفيه مراعاة معنى من على قراءة التاء ، ومراعاة لفظها على قراءة الياء. قوله : (مَرَّتَيْنِ) أي مرة على الطاعة والتقوى ، ومرة أخرى على خدمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخدمة الباطنية التي لا تتيسر من غيرهن.
قوله : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) تقدم أن حكمة التشديد عليهن ، شدة قربهن من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو دليل على رفعة قدرهن وعظم رتبتهن ، فلا يليق منهن التوغل في الشهوات وتطلب زينة الدنيا ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لست من الدنيا وليست الدنيا مني». والمقربون منه كذلك ، والمعنى