عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ) في أمر طلاقها (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) مظهره من محبتها ، وأن لو فارقها زيد تزوجتها (وَتَخْشَى النَّاسَ) أن يقولوا : تزوج زوجة ابنه (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) في كل شيء ، وتزوجها ولا عليك من قول الناس ، ثم طلقها زيد ، وانقضت عدتها ، قال تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) حاجة (زَوَّجْناكَها) فدخل عليها النبي صلىاللهعليهوسلم بغير إذن ، وأشبع المسلمين خبزا ولحما (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً
____________________________________
أهل فترة ، وهم ناجون ليس فيهم حربي ، والعلماء عرفوا الرق بأنه عجز حكمي سببه الكفر ، روي أن عمه لقيه يوما بمكة ، فعرفه وضمه إلى صدره وقال له : لمن أنت؟ قال : لمحمد بن عبد الله ، فأتوه وقالوا : هذا ابننا فرده علينا ، فقال اعرضوا عليه ، فإن اختاركم فخذوه ، فبعث إلى زيد وخيره فقال : يا رسول الله ما أختار عليك أحدا ، فجذبه عمه وقال : يا زيد اخترت العبودية على أبيك وعمك؟ قال : نعم هي أحب إلي من أن أكون عندكم ، فتبناه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (من محبتها) بيان لما أبداه ، وهذا القول مردود لما تقدم أنه تنزه عنه رسول الله ، والصواب أن يقول : إن الذي أخفاه في نفسه ، هو ما أخبره الله به ، من أنها ستصير إحدى زوجاته بعد طلاق زيد لها ، لما روي عن علي بن الحسين رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان قد أوحى الله إليه أن زيدا يطلق زينب ، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها ، فلما شكا للنبي خلق زينب وأنها لا تطيعه ، وأعلمه بأنها تريد طلاقها ، قال له رسول الله على جهة الأدب والوصية : اتق الله في قولك وأمسك عليك زوجك ، وهذا هو الذي أخفى في نفسه ، وخشي رسول أن يلحقه قول الناس في أن يتزوج زينب بعد زيد وهو متبنيه ، فعاتبه الله على الكتم لأجل هذا العذر ، والحكمة في تزوج رسول الله بزينب ، إبطال حكم التبني ، والتفرقة بين ولد الصلب وولد التبني ، من حيث إن ولد الصلب يحرم التزوج بزوجته ، وولد التبني لا يحرم. قوله : (وتزوجها) هكذا في بعض النسخ بصيغة الأمر ، وفي نسخة ويزوجكها فعل مضارع.
قوله : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) أي بأن لم يبق له فيها أرب وطلقها وانقضت عدتها ، وفي ذكر اسمه صريحا دون غيره من الصحابة جبر وتأنيس له ، وعوض من الفخر بأبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فكان اسمه قرآنا يتلى في الدنيا والآخرة على ألسنة البشر والملائكة ، وزاد في الآية أن قال : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) أي بالإيمان ، فدل على أنه من أهل الجنة ، فعلم ذلك قبل موته ، فهذ فضيلة أخرى. قوله : (فدخل عليها النبي صلىاللهعليهوسلم بغير إذن) أي ولا عقد ولا صداق ، وهذا من خصوصياته التي لم يشاركه فيها أحد بالإجماع ، وكان تزوجه بها سنة خمس من الهجرة ، وقيل سنة ثلاث ، وهي أول من مات بعده من زوجاته ، ماتت بعده بعشر سنين ، ولها من العمر ثلاث وخمسون سنة ، وكانت تفتخر على أزواج النبي وتقول : زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سماوات ، وكانت تقول للنبي : جدي وجدك واحد ، وليس من نسائك من هي كذلك غيري ، وقد أنكحنيك الله ، والسفير في ذلك جبريل. قوله : (وأشبع المسلمين خبزا ولحما) أي فذبح شاة وأطعم الناس خبزا ولحما حتى تركوه ، ولم يولم النبي على أحد من نسائه ، كما أو لم على زينب.
قوله : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) إلخ ، أي فهو دليل على أن هذا الأمر ليس مخصوصا