(وَكانَ أَمْرُ اللهِ) مقضيه (مَفْعُولاً) (٣٧) (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ) أحل (اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ) أي كسنة الله فنصب بنزع الخافض (فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) من الأنبياء أن لا حرج عليهم في ذلك توسعة لهم في النكاح (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) فعله (قَدَراً مَقْدُوراً) (٣٨) مقضيا (الَّذِينَ) نعت للذين قبله (يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) فلا يخشون مقالة الناس فيما أحل الله لهم (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (٣٩) حافظا لأعمال خلقه ومحاسبتهم (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) فليس أبا زيد أي والده ، فلا يحرم عليه التزوج بزوجته زينب (وَلكِنْ) كان (رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) فلا يكون له ابن رجل بعده يكون نبيا ، وفي قراءة بفتح التاء كآلة الختم أي به ختموا (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٤٠) منه بأن لا نبي بعده ، وإذا نزل السيد عيسى يحكم بشريعته (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (٤١) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً
____________________________________
به صلىاللهعليهوسلم. قوله : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) أي موجودا لا محالة. قوله : (مِنْ حَرَجٍ) أي إثم. قوله : (فنصب بنزع الخافض) ويصح نصبه على المصدرية ، وفي هذه الآية رد على اليهود حيث عابوا على النبي صلىاللهعليهوسلم كثرة النساء. قوله : (توسعة لهم في النكاح) أي فقد كان لداود مائة امرأة ، ولسليمان ولده سبعمائة امرأة وثلاثمائة سرية. قوله : (قَدَراً مَقْدُوراً) هو من التأكيد كظل ظليل وليل أليل.
قوله : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) أي أبوة حقيقية ، فلا ينافي أنه أبوهم من حيث إنه شفيق عليهم وناصح لهم ، يجب عليهم تعظيمه وتوقيره. قوله : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) العامة على تخفيف لكن ، ونصب رسول على أنه خبر لكان المحذوفة ، وقرىء شذوذا بتشديد (لكِنْ) ، و (رَسُولَ) اسمها ، وخبرها محذوف تقديره أب من غير وراثة ، إذ لم يعش له ولد ذكر ، وقرىء أيضا بتخفيفها ، ورفع رسول على الابتداء ، والخبر مقدر أي هو أو بالعكس ، ووجه الاستدارك رفع ما يتوهم من نفي الأبوة عنه ، أن حقه ليس أكيدا ، فأفاد أن حقه آكد من حق الأب الحقيقي بوصف الرسالة. قوله : (فلا يكون له ابن رجل بعده يكون نبيا) النفي في الحقيقة متوجه للوصف ، أي كون ابنه رجلا ، وكونه نبيا بعده ، وإلا فقد كان له من الذكر أولاد ، ثلاث ، إبراهيم والقاسم والطيب ، ولكنهم ماتوا قبل البلوغ ، لم يبلغوا مبلغ الرجال ، فكونه خاتم النبيين ، يلزم منه عدم وجود ولد بالغ له ، وأورد عليه بمنع الملازمة ، إذ كثير من الأنبياء ، وجد لهم أولاد بالغون وليسوا بأنبياء ، وأجيب : بأن الملازمة ، ليست عقلية ، بل على مقتضى الحكمة الإلهية ، وهي أن الله أكرم بعض الرسل بجعل أولادهم أنبياء كالخليل ، ونبينا أكرمهم وأفضلهم ، فلو عاش أولاده ، اقتضى تشريف الله له جعلهم أنبياء ، لجمعه المزايا المتفرقة في غيره فتدبر. قوله : (وإذا نزل السيد عيسى) إلخ ، جواب عما يقال : كيف قال تعالى : (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) وعيسى ينزل بعده وهو نبي؟ ولا يرد على هذا ، وضع الجزية ، وعدم قبول غير الإسلام ، ونحو ذلك مما جاء في الأحاديث مما يخالف شرعنا ، لأن ذلك شرع نبينا عند نزول عيسى عليه الصلاة والسّلام.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) في هذا إشارة إلى تشريف المؤمنين عموما ، حيث ناداهم وأمرهم بذكره وتسبيحه ، وصلى عليهم هو وملائكته ، وأفاض عليهم الأنوار وحياهم ،