أَجْراً كَرِيماً) (٤٤) هو الجنة (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) على من أرسلت إليهم (وَمُبَشِّراً) من صدقك بالجنة (وَنَذِيراً) (٤٥) منذرا من كذبك بالنار (وَداعِياً إِلَى اللهِ) إلى طاعته (بِإِذْنِهِ) بأمره (وَسِراجاً مُنِيراً) (٤٦) أي مثله في الاهتداء به (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) (٤٧) هو الجنة (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) فيما يخالف شريعتك (وَدَعْ) اترك (أَذاهُمْ) لا تجازهم عليه إلى أن تؤمر فيهم بأمر (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فهو كافيك (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٤٨) مفوّضا إليه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) وفي قراءة تماسوهن أي تجامعوهن (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) تحصونها بالأقراء وغيرها (فَمَتِّعُوهُنَ) أعطوهن ما يستمتعن به ، أي إن لم يسم لهنّ أصدقه ، وإلا فلهنّ نصف المسمى فقط ، قاله ابن عباس وعليه الشافعي (وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٤٩) خلوا سبيلهن من غير إضرار (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا
____________________________________
ما يقال : الأذن حاصل ب قوله : (أَرْسَلْناكَ) ، فأجاب : بأن المراد بالإذن الأمر والحكمة في الاذن تسهيل الأمر وتيسيره ، لأن الدخول في الشيء من غير إذن متعذر ، فإذا حصل الإذن سهل وتيسر ، ومن هنا أخذ الأشياخ استعمال الإجازة للمريدين ، فمن أجاز أشياخه بشيء من العلم والإرشاد ، فقد سهلت له الطريق وتيسرت ، ومن لم تحصل له الإجازة وتصدر بنفسه ، فقد عطل نفسه وغيره ، وانسدت عليه الطرق. قوله : (وَسِراجاً مُنِيراً) يحتمل أن المراد بالسراج الشمس وهو ظاهر ، ويحتمل أن المراد به المصباح ، وحينئذ فيقال إنما شبه بالسراج ، ولم يشبه بالشمس مع أن نورها أتم ، لأن السراج يسهل اقتباس الأنوار منه ، وهو صلىاللهعليهوسلم تقتبس منه الأنوار الحسية والمعنوية.
قوله : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) أي حيث كنت متصفا بالصفات الخمسة فبشر المؤمنين. قوله : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) أي لا تدار الكفار ، ولا تلن لهم جانبك في أمر الدين ، بل اثبت على ما أوحي إليك وبلغه ، ولا تكتم منه شيئا. قوله : (وَدَعْ أَذاهُمْ) إما من إضافة المصدر لفاعله ، أي أذيتهم إياك ، فلا تقاتلهم جزاء على ما صدر منهم ، أو لمفعوله أي اترك اذيتك لهم في نظير كفرهم ، واصفح عنهم واصبر ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وهذا منسوخ بآية القتال. قوله : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي ثق به في أمورك واعتمد عليه ، يكفك أمور الدين والدنيا. قوله : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) الباء زائدة في الفاعل ، أي إن الله تعالى كاف من توكل عليه أمور الدنيا والآخرة ، وفي الآية إشارة إلى أن التوكل أمره عظيم ، فإذا عجز الإنسان عن أمر ، فعليه بالتوكل على الله والتفويض إليه ، فإن الله يكفيه ما أهمه من أمور الدنيا والآخرة.
قوله : (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ) المراد بالنكاح العقد بدليل قوله : (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) وذكر المؤمنات خرج مخرج الغالب ، إذ الكتابيات كذلك ، وإنما خص المؤمنات بالذكر ، إشارة إلى أن الأولى للمؤمن أن ينكح المؤمنات ، وأما نكاح الكتابيات فمكروه ، أو خلاف الأولى. قوله : (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) أي ولو طال زمن العقد. قوله : (وفي قراءة) أي وهما سبعيتان. قوله : (أي تجامعوهن) تفسير لكل من القراءتين. قوله : (تَعْتَدُّونَها) إما من العدد أو من الاعتداد أي تحسبونها أو تستوفون عددها من قولهم : عد الدراهم فاعتدها أي استوفى عددها. قوله : (عليه الشافعي) أي