الْمُؤْمِنِينَ) (٢٠) للبيان أي وهم المؤمنون لم يتبعوه (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) تسليطا منا (إِلَّا لِنَعْلَمَ) علم ظهور (مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍ) فنجازي كلا منهما (وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (٢١) رقيب (قُلِ) يا محمد لكفار مكة (ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) أي زعمتموهم آلهة (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره لينفعوكم بزعمكم قال تعالى فيهم (لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ) وزن (ذَرَّةٍ) من خير أو شر (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ) شركة (وَما لَهُ) تعالى (مِنْهُمْ) من الآلهة (مِنْ ظَهِيرٍ) (٢٢) معين (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ) تعالى ردا لقولهم : إن آلهتهم تشفع عنده (إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ) بفتح الهمزة وضمها (لَهُ) فيها
____________________________________
(فصدق بالتخفيف في ظنه) أشار بذلك إلى أن قوله : (ظنه) على قراءة التخفيف منصوب على نزع الخافض ، والمعنى صار فيما ظنه أولا من إغوائهم على يقين ، وقوله : (أو صدق) بالتشديد إلخ. أي فظنه مفعول لصدق ، والمعنى حقق ظنه ووجده صادقا. قوله : (بمعنى لكن) أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع ، وحمله على ذلك تفسيره الضمير بالكفار ، ويصح أن يكون متصلا ، لأن بعض المؤمنين يذنب ويتبع ابليس في بعض المعاصي ، ويكون قوله : (إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) المراد بهم من لم يتبعه أصلا ، والأقرب الأول ، لأن المعصومين استثناهم من حين طرده بقوله : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ). قوله : (تسليطا منا) أي فالشيطان سبب في الإغواء ، لا خالق الإغواء ، فمن أراد الله حفظه ، منع الشيطان عنه ، ومن أراد الله إغواءه ، سلط عليه الشيطان ، والكل فعل الله تعالى. قوله : (علم ظهور) أي فالمعنى ليظهر متعلق علمنا ، فاللام للعاقبة لا للتعليل ، ومعنى الآية : ما كان له عليهم ايجاد اضلال ، بل خالق الهدى والضلال هو نحن ، وإنما سبقت حكمتنا بتسليطه ، ليتميز بين عبادنا ، من خلقنا فيه الكفر ، ومن خلقنا فيه الإيمان ، فاتباعه وعدمه ، علامة على ما تعلق به علمه تعالى فتدبر. قوله : (رقيب) أي فهو تعالى قادر على منع ابليس منهم ، عالم بما سيقع.
قوله : (قُلِ ادْعُوا) بكسر اللام على أصل التخلص ، وبالضم اتباعا ، قراءتان سبعيتان. قوله : (أي زعمتموهم آلهة) أي فالمفعولان محذوفان ، الأول لطوله بصلته ، والثاني لقيام صفته ـ أعني قوله من دون الله ـ مقامه. قوله : (لينفعوكم) متعلق بادعوا ، أي ادعوهم ليكشفوا عنكم الضر الذي نزل بكم في سني الجوع ، ويجلبوا لكم سعة العيش. قوله : (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) أي لا يملكون أمرا من الأمور في العالم ، وذكر السماوات والأرض للتعميم عرفا. قوله : (معين) أي على خلق شيء. بل الله تعالى المنفرد بالايجاد والإعدام.
قوله : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ) أي إن الشفاعة لا يكون من هؤلاء المعبودين من دون الله ، من الملائكة والأنبياء والأصنام ، إلا أن يأذن الله للملائكة والأنبياء في الشفاعة لغير الكفار ، وأما الكفار فلا شفاعة فيهم لقوله تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ). قوله : (ردا لقولهم) إلخ ، أي حيث قالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) ، وايضاحه أن الشفاعة لا تكون ولا تحصل إلا بالإذن والرضا ، وهم قد ارتكبوا ما يقتضي للغضب وهو