(قالُوا) قال بعضهم لبعض استبشارا (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) فيها (قالُوا) القول (الْحَقَ) أي قد أذن فيها (وَهُوَ الْعَلِيُ) فوق خلقه بالقهر (الْكَبِيرُ) (٢٣) العظيم (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ) المطر (وَالْأَرْضِ) النبات (قُلِ اللهُ) إن لم يقولوه لا جواب غيره (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ) أي أحد الفريقين (لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٤) بيّن الإبهام ، تلطف بهم داع إلى الإيمان إذا وفقوا له (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا) أذنبنا (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٢٥) لأنا بريئون منكم (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) يوم القيامة (ثُمَّ يَفْتَحُ) يحكم (بَيْنَنا بِالْحَقِ) فيدخل المحقين الجنة والمبطلين النار (وَهُوَ الْفَتَّاحُ) الحاكم (الْعَلِيمُ) (٢٦) بما يحكم به (قُلْ أَرُونِيَ) أعلموني (الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ) في العبادة (كَلَّا) ردع لهم عن اعتقاد شريك له (بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ) الغالب على أمره (الْحَكِيمُ) (٢٧) في تدبيره لخلقه ، فلا يكون له شريك في ملكه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً) حال من الناس قدم للاهتمام (لِلنَّاسِ بَشِيراً) مبشرا
____________________________________
آلهتهم تنفعهم في الدنيا والآخرة ، فرد الله عليهم بهذه الآية الشاملة للأمرين فتدبر. قوله : (القول) (الْحَقَ) أشار بذلك إلى أن الحق صفة لمصدر محذوف مقول القول. قوله : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) هذا من تمام كلام الشفعاء ، اعترافا بعظمة الله وكبريائه.
قوله : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ) إلخ ، هذا السؤال تبكيت للمشركين ، وإشارة إلى أن آلهتهم لا تملك لهم ضرا ولا نفعا ، وهذه الآية بمعنى قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إلى قوله : (فَسَيَقُولُونَ اللهُ). قوله : (لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) غاير بين الحرفين ، إشارة إلى أن المؤمنين مستعلون على الهدى ، كراكب الجواد يسير به حيث يشاء ، والكفار محبوسون في الضلال ، كالمنغمس في الظلمات الذي لا يبصر شيئا. قوله : (في الإبهام) خبر مقدم ، و (تلطف) مبتدأ مؤخر ، و (داع) صفة لتلطف.
قوله : (لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا) إلخ ، فيه تلطف بهم وتواضع ، حيث أسند الإجرام لأنفسهم والعمل للمخاطبين. قوله : (يوم القيامة) أي في الموقف. قوله : (أعلموني) أشار بذلك إلى أن أرى علمية ، فتتعدى إلى ثلاثة مفاعيل : أولها ياء المتكلم ، وثانيها الموصول ، وثالثها شركاء ، ويصح أن تكون بصرية فتتعدى إلى مفعولين : الأول المتكلم ، والثاني الموصول ، وشركاء حال من عائد الموصول ، والقصد من ذلك تبكيتهم وإظهار خطئهم بعد إقامة الحجة عليهم. قوله : (بَلْ هُوَ) الضمير إما عائد على الله ، أو ضمير الشأن ، وما بعده مبتدأ وخبره ، والجملة خبره.
قوله : (إِلَّا كَافَّةً) الحصر إضافي ، جيء به للرد على المشركين الذين يعتقدون أن رسالته غير عامة لجميع بني آدم. قوله : (حال من الناس) تبع فيه ابن عطية ، واعترضه الزمخشري بأن تقدم الحال على صاحبها المجرور خطأ ، بمنزلة تقدم المجرور على الجار ، ورد بأن الصحيح جواز تقديم الحال على صاحبها المجرور وما يتعلق به ، وإذا جاز تقديمها على صاحبها وعاملها ، فتقديمها على صاحبها وحده أجوز ، لتقدم عاملها وهو أرسلنا ، وهذا أحد وجهين في الآية ، ويصح جعل (كَافَّةً) حالا من الكاف في (أَرْسَلْناكَ) والتاء للمبالغة كهي في علامة وراوية ، والمعنى إلا جامعا للناس في التبليغ ، يخرج عن تبليغك أحد ، فكافة